إذا كان في وجود الرافع كان رفع اليد عن اليقين نقضا لليقين بالشك. فمن كان متيقنا بالطهارة من الحدث وشك في تحقق النوم مثلا، فرفع اليد عن الطهارة وعدم ترتيب آثارها إنما هو للشك في النوم ومستند إليه، فيصدق عليه نقض اليقين بالشك:
فيكون مشمولا لقوله (ع): " لا تنقض اليقين بالشك... " وأما إذا كان الشك في رافعية الموجود فليس رفع اليد عن الطهارة مستندا إلى الشك بل إلى اليقين بوجود ما يحتمل كونه رافعا، لان المعلول يستند إلى الجزء الأخير من العلة، فلا يكون من نقض اليقين بالشك. بل من نقض اليقين باليقين. سواء كان الشك في رافعية الموجود من جهة الشبهة الموضوعية. كما إذا شك بعد الطهارة في أن الرطوبة الخارجة بعدها بول أو مذي. أو من جهة الشبهة الحكمية. كما إذا شك في أن الرعاف ناقض للطهارة أم لا. فرفع اليد عن الطهارة في المثالين مستند إلى اليقين بوجود ما يحتمل كونه رافعا لا إلى الشك في رافعيته، لأنا لو فرضنا عدم تحقق اليقين المذكور، لا يكون مجرد الشك في رافعية الرطوبة المرددة أو في رافعية الرعاف مثلا ناقضا لليقين بالطهارة ورفع اليد عنها. فالموجب لرفع اليد عن الطهارة إنما هو اليقين بوجود ما يحتمل كونه رافعا.
والجواب عنه أن كل يقين لا يوجب رفع اليد عن اليقين بالطهارة لولا احتمال كون المتيقن رافعا لها، فان اليقين بشئ أجنبي لا يوجب نقض اليقين بالطهارة، حتى يكون من نقض اليقين باليقين، بل نقض اليقين باليقين إنما يصدق فيما إذا كان اليقين الثاني متعلقا بارتفاع متعلق اليقين الأول، كما إذا تيقن بالطهارة ثم تيقن بارتفاعها بالنوم مثلا، كما أن الشك الموجب لرفع اليد عن اليقين الذي يصدق عليه نقض اليقين بالشك، إنما هو فيما إذا تعلق الشك بعين ما تعلق به اليقين، كي تتحد القضية المتيقنة والقضية المشكوكة، فرفع اليد عن الطهارة المتيقنة في المثالين مستند إلى الشك