تطلق عليه إلى المرفق، وقد تطلق على الزند كما في آية التيمم، وقد تطلق على الأصابع كما في آية السرقة، فقيدها في هذه الآية الشريفة لتعيين المراد من اليد، فالغاية تحديد للموضوع لا غاية للغسل. فيكون المراد من قوله (ع): " كل شئ نظيف حتى تعلم أنه نجس " أن كل شئ لم تعلم نجاسته فهو طاهر، فيكون المراد قاعدة الطهارة الظاهرية للأشياء المشكوك فيها، فان الشئ الذي لم تعلم نجاسته عبارة أخرى عن الشئ المشكوك فيه، وكذلك إن كان قيدا للمحمول، لان المراد حينئذ أن الأشياء طاهرة ما لم تعلم نجاستها - أي ما دام مشكوكا فيها - فيكون مفاد الرواية هو الحكم بالطهارة الظاهرية للأشياء المشكوك فيها على التقديرين، ولا ربط لها بالطهارة الواقعية ولا الاستصحاب. نعم لو كان في الكلام تقدير وكان قوله (ع):
- حتى تعلم - متعلقا به وقيدا له، وكان التقدير هكذا " كل شئ طاهر وطهارته مستمرة حتى تعلم أنه نجس " كان الكلام دالا على الطهارة الواقعية والاستصحاب، ولكن التقدير خلاف الأصل ولا موجب للالتزام به.
وظهر بما ذكرناه من بطلان الجمع بين الطهارة الواقعية والاستصحاب بطلان الوجه الأول، وهو أن يكون المراد الطهارة الواقعية فقط فلا حاجة إلى التعرض له.
وأما الاحتمال الخامس الذي ذكره صاحب الفصول من الجمع بين الطهارة الظاهرية والاستصحاب بالبيان المتقدم، ففيه أن الحكم بالطهارة الظاهرية للشئ المشكوك فيه باق ببقاء موضوعه، وهو الشك بلا احتياج إلى الاستصحاب، فان المستفاد من الاخبار هو جعل الحكم المستمر - أي الطهارة الظاهرية للشئ المشكوك فيه ما دام مشكوكا فيه، لا استمرار الحكم المجعول، إذ ليس الحكم بالطهارة في الخبر بملاحظة الطهارة السابقة وبعناية الطهارة الثابتة حتى يكون استصحابا، فليس مفاد الخبر إلا الطهارة الظاهرية المجعولة بلحاظ الشك.