الوثاقة وعدمها. وقد بينا صحة القول الثاني عند التكلم في حجية أخبار الآحاد.
وأما علم الأصول فتوقف الاستنباط عليه أوضح من أن يخفى، ضرورة أنه لابد في استنباط الاحكام من الكتاب والسنة من معرفة المباحث الأصولية: من بحث الأوامر والنواهي والعموم والخصوص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين، ومباحث الحجج والأصول العقلية والشرعية. والتعادل والترجيح. وقد أوضحنا ذلك كله عند التعرض لتعريف علم الأصول. ولابد من تنقيح كل ذلك بالنظر والاجتهاد لا بالتقليد، وإلا لا يصدق عليه عنوان العارف والفقيه.
(الكلام في التخطئة والتصويب) لا خلاف في وقوع الخطأ في الاحكام العقلية، وأن من حكم بما يدعي استقلال عقله به قد يصيب الواقع وقد لا يصيبه، سواء كان من المسائل العقلية المحضة التي لا مساس لها بالأحكام الشرعية: كمسألة إعادة المعدوم التي ذهب جماعة إلى امكانها، وأخرى إلى امتناعها، أو كان من المسائل العقلية التي لها دخل في الأحكام الشرعية:
كمسألة جواز اجتماع الأمر والنهي وامتناعه، فان التصويب - في الاحكام العقلية مطلقا - مستحيل، بداهة أن القائل بامكان إعادة المعدوم والقائل بامتناعه، وكذا القائل بجواز اجتماع الأمر والنهي والقائل بامتناعه، لو كانا مصيبين للواقع، للزم كون شئ واحد ممكنا وممتنعا.
وأما الأحكام الشرعية فقد نسب القول بالتصويب فيها إلى العامة، بمعنى أن لله سبحانه أحكاما عديدة في موضوع واحد بحسب اختلاف آراء المجتهدين، فكل حكم أدى إليه نظر المجتهد ورأيه، فهو الحكم الواقعي في حقه، ويكفي في بطلان هذا