(خاتمة في الاجتهاد والتقليد) ونقتصر على بعض مباحثهما المهمة. فنقول: قد عرف الاجتهاد في كلام جماعة من العامة والخاصة باستفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي. وهذا التعريف غلط، لعدم جواز العمل بالظن ما لم يقم دليل على اعتباره. وأما ما قام الدليل على اعتباره، فيجب اتباعه سواء كان مفيدا للظن بالحكم الواقعي أم لا، إذا لا عبرة في الحجية بوجود الظن شخصا. بل ولا نوعا كما في موارد الأصول العملية.
نعم يصح التعريف المذكور على أصول العامة من وجوب العمل بالظنون الحاصلة من الاستحسانات والاستقراء والقياس ونحوها. ولعل التعريف المذكور أوجب استيحاش الاخباري عن جواز الاجتهاد وعده من البدع والمحرمات وحينئذ استنكارهم في محله لحرمة العمل بالاجتهاد المذكور (اي الظن بالحكم الشرعي).
والصحيح أن يعرف الاجتهاد باستفراغ الوسع في تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية أو تعيين الوظيفة عند عدم الوصول إليها. والاجتهاد بهذا المعنى مما لا مناص عن الالتزام به للأخباري والأصولي، فلا وجه لاستيحاش الاخباري عنه. غاية الامر أنه ينازع في حجية ما يراه الأصولي حجة. وهو لا يضر في الاتفاق على صحته بالمعنى الذي ذكرناه. ولعل النزاع - بين الاخباري والأصولي في صحة الاجتهاد وعدمها - لفظي، لما ذكرناه من أن استنكار الاخباري راجع إلى الاجتهاد بمعنى تحصيل الظن بالحكم الشرعي، واثبات الأصولي راجع إلى الاجتهاد بمعنى تحصيل الحجة القطعية على الأحكام الشرعية.
ثم إنه لا يهمنا تحقيق مفهومه من حيث السعة والضيق بأن يقال: المراد منه تحصيل الحجة فعلا، أو ملكة تحصيل الحجة ولو لم تحصل بعد. فإنه بعنوانه لم يقع موضوعا