بالتخيير أن التخيير واقعي، إذ لو كان الحكم الواقعي غيره، لكان الأنسب بيانه، لا الحكم بالتخيير بين الحديثين: ولا اطلاق لكلام الإمام (عليه السلام) ولا عموم حتى يتمسك بهما ويتعدى عن مورد الرواية إلى غيره.
و (منها) - مكاتبة محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى صاحب الزمان أرواحنا فداه على ما في احتجاج الطبرسي، وقد سئل في هذه المكاتبة عن استحباب التكبير بعد التشهد الأول وعدمه - إلى أن قال (ع) في الجواب عن ذلك: " حديثان أما أحدهما، فإذا انتقل من حالة إلى أخرى فعليه التكبير، وأما الاخر فإنه روي أنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبر ثم جلس ثم قام، فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير. وكذلك التشهد الأول يجري هذا المجرى، بأيهما أخذت من باب التسليم كان صوابا " ومورد هذه الرواية خارج عن محل الكلام، فان النسبة بين الخبرين الذين دلت هذه الرواية على التخيير بينهما هي العموم المطلق. ومقتضى الجمع العرفي هو التخصيص، والحكم بعدم استحباب التكبير في مورد السؤال، فحكم الإمام (عليه السلام) بالتخيير إنما هو لكون المورد من الأمور المستحبة، فلا بأس بالأخذ بكل من الخبرين، إذ مقتضى التخصيص وان كان عدم استحباب التكبير، إلا أن الاخذ بالخبر والآتيان بالتكبير أيضا لا بأس به، لان التكبير ذكر في نفسه.
و (بالجملة) لابد من الاقتصار على مورد الرواية، إذ ليس في كلام الإمام (عليه السلام) إطلاق أو عموم يوجب التعدي عن موردها إلى غيره.
و (منها) - مرسلة الكافي حيث قال: وفي رواية أخرى " بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك " وهذه المرسلة إن كانت إحدى الروايات السابقة، فلا حاجة إلى الجواب المستقل عنها، وإن كانت غيرها، فهي مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها.