على الترجيح بمخالفة العامة، فلا عبرة مع موافقة الكتاب بمخالفة العامة وعدمها. وأما ما ذكره المحقق النائيني (ره) ففيه أنه مجرد استحسان، لا يصلح لرفع اليد عن ظهور الرواية في تقديم الترجيح بموافقة الكتاب على الترجيح بمخالفة العامة.
(الامر الرابع) - أنه هل يجب الاقتصار على المرجحات المنصوصة، أو يتعدى إلى غيرهما مما يكون أحد المتعارضين معه أقرب إلى الواقع؟ ذهب الشيخ (ره) إلى التعدي، وذكر في وجه ما ذهب إليه وجوها:
(منها) - أن في جعل الإمام (عليه السلام) - مثل الأصدقية والأوثقية مرجحا لإحدى الروايتين - دلالة على أن المناط في الترجيح بهما كونهما موجبة لأقربية إحدى الروايتين للواقع، فيتعدى إلى كل ما فيه هذا المناط.
و (منها) - أن الإمام (عليه السلام) علل وجوب الاخذ بالرواية المجمع عليها بكونها مما لا ريب فيه. ومن الظاهر أن عدم الريب فيها ليس إلا إضافيا بمعنى أن المشهور بالنسبة إلى الشاذ النادر لا ريب فيه لا أنه في نفسه مما لا ريب فيه، وإلا لكان الخبر الشاذ مما لا ريب في كذبه، فيكون داخلا في بين الغي. وهو خلاف ظاهر الاستشهاد، فان الإمام (عليه السلام) أدرجه في المشتبه، فعلى هذا تدل المقبولة بعموم التعليل على أن كل خبرين ليس في أحدهما ريب بالنسبة إلى الاخر يلزم الاخذ به، فالمنقول باللفظ مثلا مما لا ريب فيه بالنسبة إلى المنقول بالمعنى، فيجب الاخذ به.
و (منها) - أن تعليل الإمام (عليه السلام) - الاخذ بمخالفة العامة بأن الرشد في خلافهم - يدل على أن كل خبرين يكون في أحدهما الرشد غالبا يجب الاخذ به، فإنه ليس الاخذ بمخالف العامة بحيث يكون فيه الرشد دائما لكثرة الاحكام