ومع فقد المرجح والحكم بالتخيير، يتخير بين الأدلة الأربعة بطرح أحدها والاخذ بالباقي.
(النوع الثالث) - من التعارض بين أكثر من دليلين - ما إذا وقع التعارض بين الدليلين بالتباين، وورد مخصص ما. وهذا أيضا يتصور على صور ثلاث:
(الصورة الأولى) - ما إذا ورد المخصص على أحدهما فيخصص به، وتنقلب النسبة من التباين إلى العموم المطلق، فيقدم الخاص على العام ويرتفع التعارض. مثلا إذا دل دليل على وجوب إكرام العلماء، ودل دليل آخر على عدم وجوب إكرام العلماء، ودل دليل ثالث على وجوب إكرام العالم العادل، تكون النسبة بين الأولين التباين، وبعد تخصيص الثاني بالثالث باخراج العالم العادل منه تنقلب النسبة بين الأول والثاني من التباين إلى العموم المطلق، ويكون الثاني أخص مطلقا بالنسبة إلى الأول.
ومن هذا القبيل الأدلة الواردة في إرث الزوجة من العقار، (فمنها) - ما يدل على أنها لا ترث من العقار بقول مطلق. و (منها) - ما يدل على انها ترثها كذلك. (ومنها) - ما يدل على أنها ترثها إذا كانت أم ولد.
(الصورة الثانية) - ما إذا وقع التعارض بين الدليلين بالتباين، وورد المخصص على كل واحد منهما مع عدم التنافي بين المخصصين في أنفسهما أصلا، فتنقلب النسبة من التباين إلى العموم من وجه، ويتعارضان في مادة الاجتماع، ويرجع إلى الترجيح أو التخيير. مثلا إذا دل دليل على كفاية الغسل مرة واحدة في ارتفاع النجاسة، وعدم اعتبار التعدد في حصول الطهارة، ودل دليل آخر على عدم كفايتها واعتبار التعدد، ودل دليل ثالث على اعتبار التعدد في الغسل بالماء القليل، وهو المخصص لما يدل على عدم اعتبار التعدد مطلقا، ودل دليل رابع على عدم اعتبار التعدد في الغسل بالماء الجاري، وهو المخصص لما يدل على اعتبار التعدد مطلقا، فيقع التعارض بين الأولين بالتباين. وبعد تخصيص كل واحد منهما تنقلب النسبة إلى العموم من وجه،