(مثال الثاني) - الاستقبال في الصلاة، فإنه معتبر في مجموع الصلاة حتى في الأكوان المتخللة، لان الاستدبار - ولو في الأكوان المتخللة - مانع عن اتصال الاجزاء اللاحقة بالاجزاء السابقة، فتكون الصلاة مع باطلة. وكذا الطهارة من الحدث، فان طرو الحدث - ولو في الأكوان المتخللة - موجب لبطلان الصلاة، بلا فرق بين القول بكون الطهارة عبارة عن الحالة النفسانية المسببة عن الغسل والمسح على ما هو المعروف، أو القول بكونها عبارة عن نفس الغسل والمسح على ما هو المختار، فان الطهارة على هذا المعنى وان كانت متصرمة الوجود، إلا أنه لها بقاء في نظر الشارع، كما تدل عليه جملة من الاخبار: (منها) الأخبار الدالة على أن الشئ الفلاني ناقض للوضوء، فان النقض لا يصدق على شئ ينعدم بنفسه، بل لابد في صدقه من أن يكون له بقاء في نفسه. و (منها) - ما يدل على استحباب النوم مع الوضوء، فان النوم مع الوضوء لا يتصور إلا أن يكون الوضوء بقاء في نظر الشارع. هذه هي أقسام الشرط.
ثم إن الشك في الشرط إن كان بعد الفراغ من العمل، لا اشكال في جريان قاعدة الفراغ وعدم الاعتناء بالشك، بلا فرق بين الأقسام الثلاثة للشرط. وأما إن كان الشك في الشرط في أثناء العمل، فان كان الشرط المشكوك فيه من القسم الأول (أي مما اعتبر تحققه قبل العمل وكان محله بحسب الجعل الشرعي مقدما على العمل) لا إشكال في جريان قاعدة التجاوز، إذ مع كون الشك بعد تجاوز المحل يكون مشمولا لقوله (ع): " إذا خرجت من شئ ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ " فلا فرق بين الشرط والجزء في هذه الجهة، بل الجزء أيضا شرط، بمعنى أن كل جزء شرط لصحة الاجزاء الاخر كما هو معنى الواجب الارتباطي.