الموثقة مقيدا لاطلاق الصحيحة. وقد تقدم نظير هذا الكلام في البحث عن الاستدلال بمفهوم آية النبأ لحجية خبر العادل من أن مفهوم قوله تعالى: " إن جاءكم فاسق بنبأ... " إن لم يجئ فاسق بنبأ. فيكون خبر العادل خارجا عن المفهوم. نعم لو كان النبأ مفروض الوجود في المنطوق والمفهوم. كما إذا كان المنطوق هكذا:
إن النبأ إن كان الجائي به فاسقا فتبينوا، كان مفهومه أن النبأ إن لم يكن الجائي به فاسقا لا يجب التبين، فيدل المفهوم على حجية خبر العادل. والمقام من هذا القبيل بعينه.
والصحيح في الجواب عن الصحيحة أن يقال: إن دلالتها غير تامة على المدعى في نفسها، وهو جريان قاعدة التجاوز في الشك في الركوع بعد الدخول في الهوي، مع عدم الوصول إلى السجود. وذلك، لان التعبير في الصحيحة إنما هو (أهوى إلى السجود) بلفظ الماضي، ومفاده تحقق الهوي إلى السجود، فيكون موردها الشك في الركوع بعد الوصول إلى السجود، فلا تدل على جريان القاعدة وعدم الاعتناء بالشك في الركوع حال الهوي ولو لم يصل إلى السجود. نعم لو كان التعبير (يهوي إلى السجود) بلفظ المضارع، كان مفاده المعنى المذكور. ومراجعة الاستعمالات العرفية تشهد بما ذكرناه من الفرق بين الماضي والمضارع، فان معنى قولنا: زيد يصلي أنه مشغول بالصلاة ولم يفرغ منها بعد، بخلاف قولنا: زيد صلى، فان مفاده تحقق الصلاة والفراغ منها. وعلى تقدير عدم ظهور الصحيحة في ما ذكرناه من المعنى، لا أقل من احتماله الموجب لاجمالها، فلا تكون قابلة للاستدلال بها للمقام.
فتحصل مما ذكرناه أن الصحيح عدم جريان قاعدة التجاوز في المقامين، ولو مع ملاحظة النصوص.