في الصحة لا يحرز المضي الواقعي، والمضي الاعتقادي موجود في المقام، فإنه حين اشتغاله بأمر غير مرتب كان معتقدا بالمضي، وإلا لم يشتغل به، فجري قاعدة الفراغ.
وهو مندفع بأن ظاهر قوله (ع): " كل ما مضى... " هو المضي الحقيقي الواقعي لا المضي الخيالي. غاية الامر كون الماضي أعم من الصحيح والفاسد بقرينة الشك المذكور في الرواية. إذ لا يتصور مضي الصحيح مع فرض الشك في الصحة والفساد.
(الثالث) - أن يشك في الجزء الأخير مع الاشتغال بأمر مرتب على الجزء الأخير غير مانع من تداركه على تقدير عدم الاتيان به، كما إذا شك في التسليم مع الاشتغال بالتعقيب، أو شك في مصح الرجل للوضوء مع الاشتغال بالدعاء المأثور بعد الوضوء. واختار المحقق النائيني (ره) أنه لو شك في الجزء الأخير من الصلاة - وهو التسليم - مع الاشتغال بالتعقيب لا يعتنى به، لصدق الدخول في الغير، فيكون موردا لجريان قاعدة التجاوز. واستشهد على ذلك بصحيحة زرارة المتقدمة الدالة على عدم الاعتناء بالشك في الاذان مع الدخول في الإقامة، بدعوى أن الحكم - بعدم الاعتناء بالشك في الاذان مع الدخول في الإقامة - يشرف الفقيه على القطع بعدم الاعتناء بالشك في التسليم مع الاشتغال في التعقيب، لعدم الفرق بين الإقامة والتعقيب، لخروج كليهما عن حقيقة الصلاة.
وللمناقشة فيه مجال، لعدم الملازمة بين المقامين في جريان قاعدة التجاوز، إذ هو منوط بمضي المحل، وهو لا يصدق إلا فيما إذا كان محل المشكوك فيه بحسب الجعل الشرعي سابقا على الغير الذي وقع الشك بعد الدخول فيه، وكان محل ذلك الغير مؤخرا عن المشكوك فيه ولو باعتبار كونه أفضل الافراد. وهذا المعنى موجود في الشك في الاذان بعد الدخول في الإقامة، فان الاذان مقدم بحسب الجعل الشرعي