الحكمة. وما ذكره صاحب الكفاية (ره) - من أن استفادة العموم من لفظ كل يحتاج إلى جريان مقدمات الحكمة في مدخوله - قد أبطلناه في مبحث العام والخاص بما ملخصه: أن لفظ كل موضوع للعموم، فيكون قرينة على أن المراد من مدخوله مطلق الشئ لا خصوص الصلاة، فاستفادة العموم من قوله (ع):
" كل شئ شك فيه مما قد جاوزه... " لا يحتاج إلى جريان مقدمات الحكمة.
فتحصل أن قاعدة التجاوز ليست مختصة بباب الصلاة، بل تجري في كل مركب شك في أحد اجزائه بعد الدخول في الجزء الاخر إلا الوضوء للنص الخاص، وفي إلحاق الغسل والتيمم به - في عدم جريان قاعدة التجاوز - كلام نتعرض له قريبا انشاء الله تعالى.
ثم إنه يعتبر في قاعدة التجاوز الدخول في الغير، لكونه مأخوذا فيها في صحيحة زرارة وموثقة إسماعيل بن جابر المتقدمتين، مضافا إلى أنه لو لم يذكر الدخول في الغير فيهما، لأمكن استفادة اعتباره منهما. وذلك، لان المذكور فيهما هو الخروج عن الشئ والتجاوز عنه، ولا يتصور الخروج عن الشئ حقيقة، والتجاوز عنه كذلك، مع فرض الشك في وجوده، فلا محالة يكون المراد الخروج عن محله والتجاوز عنه من باب الاسناد المجازي، أو باعتبار تقدير المحل. ولا يتحقق الخروج أو التجاوز عن محل الشئ المشكوك فيه، إلا بعد الدخول في غيره، فيكون ذكر الدخول في الغير - بعد الخروج في الصحيحة وبعد التجاوز في الموثقة - قيدا توضيحيا من العطف التفسيري، فاعتبار الدخول في الغير في قاعدة التجاوز مما لا ينبغي الارتياب فيه. إنما الكلام في اعتباره في قاعدة الفراغ. والكلام فيه يقع في مقامين:
(الأول) - في المقتضي، والبحث عن شمول اطلاق الدليل لموارد عدم الدخول في الغير. (الثاني) - في المانع. والبحث عما يصلح لتقييد الدليل وتخصيصه بموارد