وليس فيها الدلالة إلا من جهة مفهوم العبارة الثانية وهو معارض بمفهوم العبارة الأولى، والترجيح معها دون الثانية، لاعتضادها بالمعاضدات السابقة.
وما يقال في ترجيح العكس: من أصالة البراءة، غفلة واضحة، كيف لا!
وهي بالعمومات الدالة على وجوب الإزالة واستصحاب شغل الذمة اليقيني بالعبادة المستدعي للبراءة اليقينية مخصصة. وعلى تقدير بقائها فلا ريب في عدم مكافأتها لشئ من المعاضدات المتقدمة، فضلا عن جميعها، ولا سيما الشهرة.
وبالجملة: لا حجة في مثل هذه الرواية.
نعم: في الحسن: قلت له: الدم يكون في الثوب علي وأنا في الصلاة؟
قال: إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل، وإن لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك، وما لم يزد على قدر الدرهم فليس بشئ رأيت أو لم تره، فإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه (1).
ودلالته غير صريحة، وغايتها العموم القابل للتخصيص بما تقدم بحمل " ما لم يزد " و " ما ليس بأكثر من الدرهم " على خصوص الناقص عنه.
هذا، مع أن هذا الخبر مروي في الكافي (2) والفقيه (3) - اللذين هما أضبط من التهذيب الذي روي فيه كما مر - باسقاط الواو في " وما لم يزد " وزيادة " وما كان أقل من ذلك فليس بشئ " بعد قوله: " ما لم يزد على مقدار الدرهم " (4) وسبيله حينئذ سبيل الرواية السابقة.
ولعل ترك ذكر الواسطة بين الأقل والأكثر في الروايتين لأجل ندرتها وغلبة تحقق الأمرين، فليس فيهما على هذا ذكر حكمها لو لم نقل بدلالتهما على