فإنه يؤخذ بظهور الظاهر ويرفع اليد عن إجمال الأظهر في الجهة الزائدة، فالحاكم من تلك الجهة أيضا شبيه القرائن المتصلة، غاية الأمر إجمال القرائن المتصلة [سار] إلى ذيها حقيقة، بخلاف الحاكم، فإن ظهور المحكوم بعد بحاله، غاية الأمر يترتب حكم المجمل عليه، وذلك ظاهر.
ثم إن في كون معيار الحكومة كون أحد الدليلين في مقام شرح مدلول الغير بما هو مدلوله المستلزم كونه بمنزلة " أي " التفسيري (الحاكم مع عدم المحكوم) (1)، أو كونه في مقام شرح مفاد غيره بما هو حكم واقعي وإن استتبع ذلك شرح مدلول الغير أيضا لكن لا بما هو مدلوله [وجهين]، من ظهور بعض [تعاريفها] في الأول ومن اقتضاء الأمثلة لها كونها من الثاني.
ويؤيد ذلك أيضا وجود خواص الحكومة - من تقديم [الأضعف] دلالة وسراية الاجمال حكما - في المعنى الثاني أيضا، وعليه فلا وجه لتخصيص الحكومة بالقسم الأول كي يلزم خروج الأمثلة المعهودة عن موردها، فيحتاج إلى المصير إلى بيان وجه الجمع بطور آخر.
ثم إنه لا شبهة في أن الأخذ بدليل الحاكم إنما هو بعد الفراغ عن قوة نظره بل يقوى عليه، فيقدم في هذه الصورة أقوى الدلالتين ويعامل معهما في تلك الجهة [كالتعامل] بين سائر المتعارضين. ولقد عرفت أن باب الجمع غير مرتبط بباب القرائن المتصلة الشارحة للمراد و [الكاشفة] عن المقصود باللفظ الآخر، ولا بباب الحكومة الشارحة للمراد من الظهور الآخر، بل هو في الحقيقة راجع إلى ترجيح الأقوى دلالة وطرح الأضعف مع ماله من الدلالة على مدلول خاص.