وهكذا نقول: إن الانحلال السابق أيضا اقتضى حرمة تفويت البقية حتى في فرض المخالفة للمشكوك، ومرجع ذلك إلى تأثير العلم السابق وشكه البدوي [أثرهما] المقارن لزوالهما الملازم لعلم إجمالي آخر في رتبة زوالهما، ومعناه ترتب أثر كل من العلم التفصيلي والشك البدوي في رتبة متأخرة عن زوالهما [المتحدة] مع وجود العلم الاجمالي الحادث زمانا.
وبعبارة أوضح: نتيجة العلم التفصيلي السابق والشك البدوي [هي] العقوبة على ترك البقية في ظرف المخالفة للمشكوك، وهكذا في رفع العقوبة عن المشكوك في ظرف مخالفته. وهذا عين ظرف زوال العلم السابق ووجود العلم الاجمالي الحادث، وحينئذ كيف يصلح مثل هذا العلم الاجمالي الحادث للتأثير في العقوبة على المشكوك في [الظرفين]؟
وحينئذ فما قرع سمعك بأن تأثير كل علم في ظرف وجوده في غاية المتانة، ولكن لا يقتضي ذلك وجود الأثر أيضا في ظرفه بل لا يزال يكون ظرف الأثر توأما مع زواله، وذلك لأن ظرف استحقاق العقوبة إنما هو في ظرف المخالفة للواجب أو الحرام، وفي هذا الظرف لا يبقى وجوب ولا حرمة، فيرتفع العلم بهما أيضا تبعا، ولازمه دائما وجود الأثر من استحقاق العقوبة في ظرف زوال الحكم وطريقه، الملازم لوجود العلم الاجمالي الحادث. وحينئذ: كيف يكون مثل هذا العلم مؤثرا في حرمة مخالفة ما رخص في تفويته في ظرفه؟ فتدبر.
وكيف كان لا يبقى مجال دعوى تأثير العلم الاجمالي الحادث المذكور أثره من التكرار المزبور، إذ لم يتوهم أحد لزوم التكرار في الاحتياط في باب الأقل والأكثر. بل غاية آمال القائل بالاحتياط في هذا الباب هو لزوم الاقتصار بالأكثر لا التكرار [المسطور]، وذلك يكشف عن عدم اعتنائهم بمثل هذا العلم الاجمالي الحادث، ولا نظن له وجها غير ما بيناه.