هذا كله على تقدير اعتبار الاستصحاب من باب التعبد المستنبط من الأخبار.
وأما على تقدير اعتباره من باب الظن الحاصل من تحقق المستصحب في السابق، فظاهر كلماتهم أنه لا يقدح فيه أيضا وجود الأمارة الغير المعتبرة، فيكون العبرة فيه عندهم بالظن النوعي وإن كان الظن الشخصي على خلافه، ولذا تمسكوا به في مقامات غير محصورة على الوجه الكلي، من غير التفات إلى وجود الأمارات الغير المعتبرة في خصوصيات الموارد.
واعلم: أن الشهيد (قدس سره) في الذكرى - بعد ما ذكر مسألة الشك في تقدم الحدث على الطهارة - قال:
تنبيه: قولنا: " اليقين لا يرفعه الشك "، لا نعني به اجتماع اليقين والشك في زمان واحد، لامتناع ذلك، ضرورة أن الشك في أحد النقيضين يرفع يقين الآخر، بل المعني به: أن اليقين الذي كان في الزمن الأول لا يخرج عن حكمه بالشك في الزمان الثاني، لأصالة بقاء ما كان على ما كان، فيؤول إلى اجتماع الظن والشك في الزمان الواحد، فيرجح الظن عليه، كما هو مطرد في العبادات (1)، انتهى.
ومراده من الشك معناه اللغوي، وهو مجرد الاحتمال المنافي لليقين، فلا ينافي ثبوت الظن الحاصل من أصالة بقاء ما كان، فلا يرد ما أورد عليه (2): من أن الظن كاليقين في عدم الاجتماع مع الشك.