ولا ريب أن المراد باليقين والشك في قوله (عليه السلام) في صدر الصحيحة المذكورة: " لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت " وغيرها من أخبار الاستصحاب، هو اليقين والشك المتعلقان بشئ واحد - أعني الطهارة المطلقة - وحينئذ فالنقض المنهي عنه هو نقض اليقين بالطهارة بهذا الشك المتأخر المتعلق بنفس ما تعلق به اليقين.
وأما وجود الشئ المشكوك الرافعية، فهو بوصف الشك في كونه رافعا الحاصل من قبل سبب لهذا الشك، فإن كل شك (1) لا بد له من سبب متيقن الوجود حتى الشك في وجود الرافع، فوجود الشئ المشكوك في رافعيته جزء أخير (2) للعلة التامة للشك المتأخر الناقض، لا للنقض.
وثانيا: أن رفع اليد عن أحكام اليقين عند الشك في بقائه وارتفاعه لا يعقل إلا أن يكون مسببا عن نفس الشك، لأن التوقف في الزمان اللاحق عن الحكم السابق أو العمل بالأصول المخالفة له لا يكون إلا لأجل الشك، غاية الأمر كون الشئ المشكوك كونه رافعا منشأ للشك. والفرق بين الوجهين: أن الأول ناظر إلى عدم الوقوع، والثاني إلى عدم الإمكان.
وثالثا: سلمنا أن النقض في هذه الصور ليس بالشك، لكنه ليس نقضا باليقين بالخلاف، ولا يخفى أن ظاهر ما ذكره في ذيل الصحيحة:
" ولكن تنقضه بيقين آخر " حصر الناقض لليقين السابق في اليقين