عند هبوب الرياح وطلوع الشمس خارق للإجماع، لأن الإجماع لم ينعقد مشروطا بعدم الهبوب وانعقد مشروطا بعدم الخروج وعدم (1) الماء، فإذا وجد فلا إجماع، فيجب أن يقاس حال الوجود على حال العدم المجمع عليه لعلة جامعة، فأما أن يستصحب الإجماع عند انتفاء الإجماع فهو محال. وهذا كما أن العقل دل على البراءة الأصلية بشرط عدم دليل السمع، فلا يبقى له دلالة مع وجود دليل السمع، فكذا هنا انعقد الإجماع بشرط العدم، فانتفى الإجماع عند الوجود.
وهذه دقيقة: وهو أن كل دليل يضاد (2) نفس الخلاف فلا يمكن استصحابه مع الخلاف، والإجماع يضاده نفس الخلاف، إذ لا إجماع مع الخلاف، بخلاف العموم والنص ودليل العقل، فإن الخلاف لا يضاده، فإن المخالف مقر بأن العموم بصيغته شامل لمحل الخلاف، فإن قوله عليه وآله الصلاة والسلام: " لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل " (3) شامل بصيغته صوم رمضان، مع خلاف الخصم فيه، فيقول: " أسلم شمول الصيغة، لكني اخصصه (4) بدليل " فعليه الدليل. وهنا، المخالف لا يسلم شمول الإجماع لمحل الخلاف، لاستحالة الإجماع مع الخلاف، ولا يستحيل شمول الصيغة مع الدليل. فهذه دقيقة يجب التنبه لها.
ثم قال: فإن قيل: الإجماع يحرم الخلاف، فكيف يرتفع بالخلاف؟