أقسم سبحانه بهذه الأشياء التي ذكرها، وهي الملائكة التي تنزع أرواح العباد عن أجسادهم كما ينزع النازع في القوس فيبلغ بها غاية المد، وكذا المراد بالناشطات والسابحات والسابقات والمدبرات: يعني الملائكة، والعطف مع اتحاد الكل لتنزيل التغاير الوصفي منزلة التغاير الذاتي، كما في قول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزحم وهذا قول الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وقال السدي (النازعات) هي النفوس حين تغرق في الصدور. وقال مجاهد: هي الموت ينزع النفس. وقال قتادة: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق، من قوهم:
نزع إليه إذا ذهب، أو من قولهم نزعت بالحبل: أي إنها تغرب وتغيب وتطلع من أفق آخر. وبه قال أبو عبيدة والأخفش وابن كيسان. وقال عطاء وعكرمة: النازعات القسي تنزع بالسهام وإغراق النازع في القوس أن يمده غاية المد حتى ينتهى به إلى النصل. وقال يحيى بن سلام: تنزع بين الكلأ وتنفر، وقيل أراد بالنازعات الغزاة الرماة، وانتصاب (غرقا) على أنه مصدر بحذف الزوائد: أي إغراقا، والناصب له ما قبله لملاقاته له في المعنى:
أي إغراقا في النزع حيث تنزعها من أقاصي الأجساد، أو على الحال: أي ذوات إغراق، يقال أغرق في الشئ يغرق فيه: إذا أوغل فيه وبلغ غايته (و) معنى (الناشطات) أنها تنشط النفوس: أي تخرجها من الأجساد كما ينشط العقال من يد البعير: إذا حل عنه، ونشط الرجل الدلو من البئر: إذا أخرجها، والنشاط الجذب بسرعة، ومنه الأنشوطة للعقدة التي يسهل حلها. قال أبو زيد: نشطت الحبل أنشطه بين نشطا عقدته، وأنشطته: أي حللته، وأنشطت الحبل: أي مددته. قال الفراء: أنشط العقال: أي حل ونشط: أي ربط الحبل في يديه. قال الأصمعي: بئر أنشاط: أي قريبة القعر يخرج الدلو منها بجذبة واحدة، وبئر نشوط، وهي التي لا يخرج منها الدلو حتى ينشط كثيرا. وقال مجاهد: هو الموت ينشط نفس الإنسان. وقال السدي: هي النفوس حين تنشط من القدمين. وقال عكرمة وعطاء: هي الأوهاق التي تنشط السهام، وقال قتادة والحسن والأخفش: هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق: أي تذهب. قال في الصحاح: والناشطات نشطا: يعني النجوم من برج إلى برج كالثور الناشط من بلد إلى بلد، والهموم تنشط بصاحبها. وقال أبو عبيدة وقتادة: هي الوحوش حين تنشط من بلد إلى بلد. وقيل الناشطات لأرواح المؤمنين، والنازعات لأرواح الكافرين، لأنها تجذب روح المؤمن برفق وتجذب روح الكافر بعنف، وقوله (نشطا) مصدر، وكذا سبحا وسبقا (والسابحات) الملائكة تسبح في الأبدان لإخراج الروح كما يسبح الغواص في البحر لإخراج شئ منه. وقال مجاهد وأبو صالح: هي الملائكة ينزلون من