قوله (وفي موسى) معطوف على قوله فيها بإعادة الخافض، والتقدير: وتركنا في قصة موسى آية أو معطوف على - وفي الأرض - والتقدير: وفي الأرض وفي موسى آيات، قاله الفراء وابن عطية والزمخشري. قال أبو حيان: وهو بعيد جدا ينزه القرآن عن مثله، ويجوز أن يكون متعلقا بجعلنا مقدرا لدلالة - وتركنا عليه - قيل ويجوز أن يعطف على وتركنا على طريقة قول القائل: علفتها تبنا وماء باردا * والتقدير: وتركنا فيها آية، وجعلنا في موسى آية. قال أبو حيان: ولا حاجة إلى إضمار، وجعلنا لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور وتركنا. والوجه الأول هو الأولى، وما عداه متكلف متعسف لم تلجئ إليه حاجة ولا دعت إليه ضرورة (إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين) الظرف متعلق بمحذوف هو نعت لآية: أي كائنة وقت أرسلناه، أو بآية نفسها، والأول أولى. والسلطان المبين الحجة الظاهرة الواضحة، وهي العصى وما معها من الآيات (فتولى بركنه) التولي: الإعراض، والركن: الجانب. قاله الأخفش. والمعنى: أعرض بجانبه كما في قوله - أعرض ونأى بجانبه - قال الجوهري: ركن الشئ جانبه الأقوى، وهو يأوى إلى ركن شديد: أي عز ومنعة. وقال ابن زيد ومجاهد وغيرهما: الركن جمعه وجنوده الذين كان يتقوى بهم، ومنه قوله تعالى - أو آوى إلى ركن شديد - أي عشيرة ومنعة، وقيل الركن: نفس القوة، وبه قال قتادة وغيره، ومنه قول عنترة:
فما أوهى مراس الحرب ركني * ولكن ما تقادم من زماني (وقال ساحر أو مجنون) أي قال فرعون: في حق موسى هو ساحر أو مجنون فردد فيما رآه من أحوال موسى بين كونه ساحرا أو مجنونا، وهذا من اللعين مغالطة وإيهام لقومه، فإنه يعلم أن ما رآه من الخوارق لا يتيسر على يد ساحر ولا يفعله من به جنون. وقيل إن أو بمعنى الواو، لأنه قد قال ذلك جميعا ولم يتردد، قاله المؤرج والفراء، كقوله - ولا تطع منهم آثما أو كفورا - (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم) أي طرحناهم في البحر، وجملة (وهو مليم) في محل نصب على الحال: أي آت بما يلام عليه حين ادعى الربوبية وكفر بالله وطغى في عصيانه (وفي عاد) أي وتركنا في قصة عاد آية (إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) وهي التي لا خير فيها ولا بركة، ولا تلقح شجرا ولا