بالتخفيف، وقرأ قتادة وابن السميفع وأبو رجاء العطاردي وبكر بن حبيب السهمي وابن مقسم والنهدي بالتشديد، فعلى القراءة الأولى هي جمع خيرة بزنة فعلة بسكون العين، يقال امرأة خيرة وأخرى شرة، أو جمع خيرة مخفف خيرة، وعلى القراءة الثانية جمع خيرة بالتشديد. قال الواحدي: قال المفسرون: الخيرات النساء خيرات الأخلاق حسان الوجوه. قيل وهذه الصفة عائدة إلى الجنان الأربع، ولا وجه لهذا فإنه قد وصف نساء الجنتين الأوليين بأنهن قاصرات الطرف - كأنهن الياقوت والمرجان - وبين الصفتين بون بعيد (فبأي آلاء ربكما تكذبان) فإن شيئا منها كائنا ما كان لا يقبل التكذيب (حور مقصورات في الخيام) أي محبوسات، ومنه القصر، لأنه يحبس من فيه، والحور جمع حوراء وهي شديدة بياض العين شديدة سوادها، وقد تقدم بيان معنى الحوراء والخلاف فيه. وقيل معنى مقصورات: أنهن قصرن على أزواجهن فلا يردن غيرهم، وحكاه الواحدي عن المفسرين. والأول أولى، وبه قال أبو عبيدة ومقاتل وغيرهما. قال في الصحاح: قصرت الشئ أقصره قصرا حبسته، والمعنى: أنهن خدرن في الخيام، والخيام جمع خيمة، وقيل جمع خيم، والخيم جمع خيمة، وهي أعواد تنصب وتظلل بالثياب، فتكون أبرد من الأخبية، قيل الخيمة من خيام الجنة درة مجوفة فرسخ في فرسخ، وارتفاع حور على البدلية من خيرات (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان) قد تقدم تفسيره في صفة الجنتين الأوليين (فبأي آلاء ربكما تكذبان) فإنها كلها نعم لا تكفر ومنن لا تجحد (متكئين على رفرف خضر) انتصاب متكئين على الحال أو المدح كما سبق، قال أبو عبيدة: الرفارف البسط، وبه قال الحسن ومقاتل والضحاك وغيرهم. وقال ابن عيينة: هي الزرابي. وقال ابن كيسان: هي المرافق. وروى عن أبي عبيدة أنه قال: هي حاشية الثوب. وقال الليث: ضرب من الثياب الخضر وقيل الفرش المرتفعة، وقيل كل ثوب عريض. قال في الصحاح: والرفرف ثياب خضر يتخذ منها المحابس، الواحدة رفرفة. وقال الزجاج: قالوا الرفرف هنا رياض الجنة، وقالوا الرفرف الوسائد، وقالوا الرفوف المحابس اه. ومن القائلين بأنها رياض الجنة سعيد بن جبير، واشتقاق الرفرف من رف يرف: إذا ارتفع، ومنه رفرفة الطائر، وهي تحريك جناحيه في الهواء. قرأ الجمهور " رفرف " على الإفراد. وقرأ عثمان بن عفان والحسن والجحدري " رفارف " على الجمع (وعبقري حسان) العبقري الزرابي، والطنافس الموشية. قال أبو عبيدة: كل وشي من البسط عبقري، وهو منسوب إلى أرض يعمل فيها الوشي. قال الفراء: العبقري الطنافس الثمان، وقيل الزرابي، وقيل البسط، وقيل الديباج. قال ابن الأنباري: الأصل فيه أن عبقر قرية تسكنها الجن ينسب إليها كل فائق. قال الخليل: العبقري عند العرب كل جليل فاضل فاخر من الرجال والنساء، ومنه قول زهير: تخيل عليها جنة عبقرية * جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا * قال الجوهري: العبقري موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن. قال لبيد كهول وشبان كجنة عبقري ثم نسبوا إليه كل شئ تعجبوا من حذقه وجودة صنعته وقوته فقالوا عبقري، وهو واحد وجمع. قرأ الجمهور " عبقري " وقرأ عثمان بن عفان والحسن والجحدري " عباقري " وقرئ " عباقر " وهما نسبة إلى عباقر اسم بلد.
وقال قطرب: ليس بمنسوب، وهو مثل كرسي وكراسي وبخني وبخاني. قرأ الجمهور " خضر " بضم الخاء وسكون الصاد، وقرئ بضمهما وهي لغة قليلة (فبأي آلاء ربكما تكذبان) فإن كل واحد منها أجل من أن يتطرق إليه التكذيب، وأعظم من أن يجحده جاحد أو ينكره منكر، وقد قد منا في أول هذه السورة وجه تكرير هذه الآية فلا نعيده (تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام) تبارك تفاعل من البركة. قال الرازي: وأصل التبارك من التبرك، وهو الدوام والثبات، ومنه برك البعير وبركه الماء فإن الماء يكون دائما، والمعنى: دوام اسمه وثبت