فاطمة وقال: إنه قد نعيت إلى نفسي، فبكت ثم ضحكت، وقالت: أخبرني أنه نعيت إليه نفسه فبكيت؟
فقال: اصبري فإنك أول أهلي لحاقا بي فضحكت " وقد تقدم في تفسير سورة الزلزلة أن هذه السورة تعدل ربع القرآن.
سورة النصر (1 - 3) النصر: العون، مأخوذ من قولهم: قد نصر الغيث الأرض: إذا أعان على نباتها ومنع من قحطها، ومنه قول الشاعر:
إذا انصرف الشهر الحرام فودعي * بلاد تميم وانصري أرض عامر يقال نصره على عدوه ينصره نصرا: إذا أعانه، والاسم النصرة، واستنصره على عدوه: إذا سأله أن ينصره عليه. قال الواحدي: قال المفسرون (إذا جاء) ك يا محمد (نصر الله) على من عاداك، وهم قريش (والفتح) فتح مكة، وقيل المراد نصره صلى الله عليه وآله وسلم على قريش من غير تعيين، وقيل نصره على من قاتله من الكفار، وقيل هو فتح سائر البلاد، وقيل هو ما فتحه الله عليه من العلوم، وعبر عن حصول النصر والفتح بالمجئ للإيذان بأنهما متوجهان إليه صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل إذا بمعنى قد، وقيل بمعنى إذ. قال الرازي:
الفرق بين النصر والفتح: أن الفتح هو تحصيل المطلوب الذي كان منغلقا، والنصر كالسبب للفتح، فلهذا بدأ بذكر النصر وعطف عليه الفتح، أو يقال النصر كمال الدين، والفتح إقبال الدنيا الذي هو تمام النعمة، أو يقال النصر الظفر، والفتح الجنة، هذا معنى كلامه. ويقال الأمر أوضح من هذا وأظهر، فإن النصر هو التأييد الذي يكون به قهر الأعداء وغلبهم والاستعلاء عليهم، والفتح هو فتح مساكن الأعداء ودخول منازلهم (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) أي أبصرت الناس من العرب وغيرهم يدخلون في دين الله الذي بعثك به جماعات فوجا بعد فوج. قال الحسن: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة قال العرب: أما إذ ظفر محمد بأهل الحرم، وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل، فليس لكم به يدان، فكانوا يدخلون في دين الله أفواجا:
أي جماعات كثيرة بعد أن كانوا يدخلون واحدا واحدا، واثنين اثنين، فصارت القبيلة تدخل بأسرها في الإسلام.
قال عكرمة ومقاتل: أراد بالناس أهل اليمن، وذلك أنه ورد من اليمن سبعمائة إنسان مؤمنين، وانتصاب أفواجا على الحال من فاعل يدخلون، ومحل قوله يدخلون في دين الله النصب على الحال إن كانت الرؤية بصرية، وإن كانت بمعنى العلم فهو في محل نصب على أنه المفعول الثاني (فسبح بحمد ربك) هذا جواب الشرط، وهو العامل فيه، والتقدير: فسبح بحمد ربك إذا جاء نصر الله. وقال مكي: العامل في إذا هو جاء، ورجحه أبو حيان وضعف الأول بأن ما جاء بعد فاء الجواب لا يعمل فيما قبلها، وقوله (بحمد ربك) في محل نصب على الحال:
أي فقل سبحان الله ملتبسا بحمده، أو حامدا له. وفيه الجمع بين تسبيح الله المؤذن بالتعجب مما يسره الله له مما لم يكن يخطر بباله ولا بال أحد من الناس، وبين الحمد له على جميل صنعه له وعظيم منته عليه بهذه النعمة التي هي