وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إذا مكث المنى في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس فعرج به إلى الرب فيقول:
يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضى الله ما هو قاض، فيقول: أشقى أم سعيد؟ فيكتب ما هو لاق، وقرأ أبو ذر من فاتحة التغابن خمس آيات إلى قوله (وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير) ". وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " العبد يولد مؤمنا ويعيش مؤمنا ويموت مؤمنا، والعبد يولد كافرا ويعيش كافرا ويموت كافرا، وإن العبد يعمل برهة من دهره بالسعادة ثم يدركه ما كتب له فيموت شقيا، وأن العبد يعمل برهة من دهره بالشقاء ثم يدركه ما كتب له فيموت سعيدا ".
قوله (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا) الزعم: هو القول بالظن ويطلق على الكذب. قال شريح: لكل شئ كنية وكنية الكذب زعموا، و (أن لن يبعثوا) قائم مقام مفعول زعم، وأن هي المخففة من الثقيلة لا المصدرية لئلا يدخل ناصب على ناصب، والمراد بالكفار كفار العرب، والمعنى: زعم كفار العرب أن الشأن أن يبعثوا أبدا.
ثم أمر سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يرد عليهم ويبطل زعمهم فقال (قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن) بل هي التي لإيجاب النفي، فالمعنى: بلى تبعثون. ثم أقسم على ذلك، وجواب القسم لتبعثن: أي لتخرجن من قبوركم لتنبؤن (بما عملتم) أي لتخبرن بذلك إقامة للحجة عليكم ثم تجزون به (وذلك) البعث والجزاء (على الله يسير) إذ الإعادة أيسر من الابتداء (فآمنوا بالله ورسوله) الفاء هي الفصيحة الدالة على شرط مقدر: أي إذا كان الأمر هكذا فصدقوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم (والنور الذي أنزلنا) وهو القرآن لأنه نور يهتدى به من ظلمه الضلال (والله بما تعملون خبير) لا يخفى عليه شئ من أقوالكم وأفعالكم فهو مجازيكم على ذلك (يوم يجمعكم ليوم الجمع) العامل في الظرف لتنبؤن، قاله النحاس. وقال غيره: العامل فيه خبير، وقيل العامل فيه محذوف هو أذكر. وقال أبو البقاء: العامل فيه ما دل عليه الكلام: أي تتفاوتون يوم يجمعكم. قرأ الجمهور