قرأ الجمهور بإسكان الياء من قوله " ولى " وقرأ نافع وهشام وحفص والبزي بفتحها. وقرأ الجمهور أيضا بحذف الياء من ديني وقفا ووصلا، وأثبتها نصر بن عاصم وسلام ويعقوب وصلا ووقفا. قالوا لأنها اسم فلا تحذف.
ويجاب بأن حذفها لرعاية الفواصل سائغ وإن كانت اسما.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس " أن قريشا دعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء، فقالوا: هذا لك يا محمد وكف عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة ولك فيها صلاح، قال: ما هي؟ قالوا:
تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، قال: حتى أنظر ما يأتيني من ربي، فجاء الوحي من عند الله (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون) إلى آخر السورة، وأنزل الله - قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون - إلى قوله - بل الله فاعبد وكن من الشاكرين - ". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن سعيد ابن مينا مولى أبي البحتري قال " لقى الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله، فإن كان الذي نحن عليه أصح من الذي أنت عليه كنت قد أخذت منه حظا، وإن كان الذي أنت عليه أصح من الذي نحن عليه كنا قد أخذنا منه حظا، فأنزل الله (قل يا أيها الكافرون) إلى آخر السورة ". وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس أن قريشا قالت: لو استلمت آلهتنا لعبدنا إلهك، فأنزل الله (قل يا أيها الكافرون) السورة كلها.
تفسير سورة النصر وتسمى سورة التوديع، هي ثلاث آيات وهي مدنية بلا خلاف. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أنزل بالمدينة (إذا جاء نصر الله والفتح).
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال: هذه السورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوسط أيام التشريق بمنى، وهو في حجة الوداع (إذا جاء نصر الله والفتح) حتى ختمها فعرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنها الوداع. وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال " لما نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
نعيت إلى نفسي ". وأخرج ابن مردويه عنه قال " لما نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعيت إلى نفسي وقرب إلى أجلى ". وأخرج النسائي وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عنه أيضا قال: لما نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) نعيت لرسول الله نفسه حين أنزلت، فأخذ في أشد ما كان قط اجتهادا في أمر الآخرة. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم حبيبة قالت " لما أنزل (إذا جاء نصر الله والفتح) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لم يبعث نبيا إلا عمر في أمته شطر ما عمر النبي الماضي قبله، فإن عيسى ابن مريم كان أربعين سنة في بني إسرائيل، وهذه لي عشرون سنة وأنا ميت في هذه السنة، فبكت فاطمة، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنت أول أهلي بي لحوقا، فتبسمت ".
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال " لما نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم