وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام الحديبية حتى إذا كنا بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يوشك أن يأتي قوم يحقرون أعمالكم مع أعمالهم، قلنا من هم يا رسول الله؟ أقريش؟ قال: لا، ولكنهم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا فقلنا: أهم خير منا يا رسول الله؟
قال: لو كان لأحدهم جبل من ذهب ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه، إلا أن هذا فصل ما بيننا وبين الناس (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) الآية " وهذا الحديث قال ابن كثير: هو غريب بهذا الإسناد، وقد رواه ابن جرير ولم يذكر فيه الحديبية. وأخرج أحمد عن أنس قال " كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن ابن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها؟ فبلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم " والذي في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ " لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " وفي لفظ " ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره.
سورة الحديد (12 - 15) قوله (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات) العامل في الظرف مضمر وهو أذكر، أو كريم أو فيضاعفه، أو العامل في لهم وهو الاستقرار، والخطاب لكل من يصلح له، وقوله (يسعى نورهم) في محل نصب على الحال من مفعول ترى، والنور هو الضياء الذي يرى (بين أيديهم وبأيمانهم) وذلك على الصراط يوم القيامة، وهو دليلهم إلى الجنة. قال قتادة: إن المؤمن يضئ له نور كما بين عدن إلى صنعاء، حتى إن من المؤمنين من لا يضئ له نوره إلا موضع قدميه. وقال الضحاك ومقاتل: وبأيمانهم كتبهم التي أعطوها، فكتبهم بأيمانهم، ونورهم بين أيديهم. قال الفراء: الباء بمعنى في: أي في أيمانهم، أو بمعنى عن. قال الضحاك أيضا: نورهم هداهم، وأيمانهم كتبهم، واختار هذا ابن جرير الطبري: أي يسعى أيمانهم وعملهم الصالح بين أيديهم، وفي أيمانهم كتب أعمالهم.