عن أبي أسماء قال " بينا أبو بكر يتغدى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ نزلت هذه الآية (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال شرا يره) فأمسك أبو بكر وقال: يا رسول الله ما عملنا من شر رأيناه، فقال:
ما ترون مما تكرهون فذاك مما تجزون ويؤخر الخير لأهله في الآخرة ". وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال " أنزلت إذا زلزلت الأرض زلزالها وأبو بكر الصديق قاعد فبكى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يبكيك يا أبا بكر؟ قال: يبكيني هذه السورة، فقال: لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر لكم لخلق الله قوما يخطئون ويذنبون فيغفر لهم ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر " الحديث. وقال: " وسئل عن الحمر فقال: ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) ".
تفسير سورة العاديات هي إحدى عشرة آية وهي مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء، ومدنية في قول ابن عباس وأنس بن مالك وقتادة. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة (والعاديات) بمكة. وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، والعاديات تعدل نصف القرآن "، وهو مرسل. وأخرج محمد بن نصر من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا مثله، وزاد " وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن ".
سورة العاديات (1 - 11) (العاديات) جمع عادية، وهي الجارية بسرعة، من العدو: وهو المشي بسرعة، فأبدلت الواو ياء لكسر ما قبلها كالغازيات من الغزو، والمراد بها الخيل العادية في الغزو نحو العدو، وقوله (ضبحا) مصدر مؤكد لاسم الفاعل، فإن الضبح نوع من السير ونوع من العدو، يقال ضبح الفرس: إذا عدا بشدة، مأخوذ من الضبع، وهو الدفع، وكأن الحاء بدل من العين. قال أبو عبيدة والمبرد: الضبح من إضباعها بعد في السير ومنه قول عنترة:
والخيل تكدح في حياض الموت ضبحا * ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال: أي