وسلم وأصحابه فقال: السام عليكم، فرد عليه القوم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تدرون ما قال هذا؟ قالوا: الله أعلم، سلم يا نبي الله، قال لا، ولكنه قال كذا وكذا ردوه علي فردوه، قال: قلت السام عليكم؟
قال نعم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ذلك: إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب، فقولوا عليك، قال عليك ما قلت. قال (وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله) ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت:
" دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهود، فقالوا السام عليك يا أبا القاسم، فقالت عائشة: عليكم السام واللعنة، فقال: يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا المتفحش، قلت: ألا تسمعهم يقولون السام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أو ما سمعتني أقول وعليكم، فأنزل الله (وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله) ".
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الآية قال: كان المنافقون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا حيوه: سام عليك فنزلت. وأخرج ابن مردويه عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا بعث سرية وأغزاها التقى المنافقون فأنغضوا رؤوسهم إلى المسلمين ويقولون قتل القوم، وإذا رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تناجوا وأظهروا الحزن، فبلغ ذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن المسلمين، فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول) الآية ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث، فإن ذلك يحزنه ". وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد قال: كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطرقه أمر أو يأمر بشئ فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلة حتى إذا كنا أنداء نتحدث، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الليل فقال: ما هذه النجوى؟ ألم تنهوا عن النجوى؟ قلنا:
يا رسول الله إنا كنا في ذكر المسيح فرقا منه، فقال: ألا أخبركم مما هو أخوف عليكم عندي منه؟ قلنا بلى يا رسول الله. قال: الشرك الخفي أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل ". قال ابن كثير: هذا إسناد غريب، وفيه بعض الضعفاء.
سورة المجادلة (11 - 13) قوله (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس) يقال فسح له يفسخ فسحا: أي وسع له، ومنه قولهم بلد فسيح. أمر الله سبحانه بحسن الأدب مع بعضهم بعضا بالتوسعة في المجلس وعدم التضايق فيه. قال قتادة ومجاهد والضحاك: كانوا يتنافسون في مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأمروا أن يفسح بعضهم لبعض.