ومن ذلك قول الشاعر:
وإذا الرجال رأوا يزيد رأينهم * خضع الرقاب نواكس الأبصار * بكسر السين من نواكس، وقول لبيد:
وحسور أستار دعوني لحتفها * بمعالق متشابه أعلاقها وقوله أيضا: فضلا وذو كرم بعين على الندى * سمح لشوب رغائب غنامها وقيل إن التنوين لموافقة رسم المصاحف المكية والمدنية والكوفية فإنها فيها بالألف، وقيل إن هذا التنوين بدل من حرف الإطلاق، ويجري الوصل مجرى الوقف، والسلاسل قد تقدم تفسيرها، والخلاف فيها هل هي القيود، أو ما يجعل في الأعناق كما في قول الشاعر:
... ولكن * أحاطت بالرقاب السلاسل والأغلال جمع غل تغل به الأيدي إلى الأعناق، والسعير: الوقود الشديد، وقد تقدم تفسير السعير. ثم ذكر سبحانه ما أعده للشاكرين فقال (إن الأبرار يشربون من كأس) الأبرار: أهل الطاعة والإخلاص، والصدق جمع بر أو بار. قال في الصحاح: جمع البر الأبرار، وجمع البار البررة، وفلان يبر خالقه ويبرره: أي يطيعه. وقال الحسن: البر الذي لا يؤذي الذر. وقال قتادة: الإبراء الذين يؤدون حق الله ويوفون بالنذر. والكأس في اللغة هو الإناء الذي فيه الشراب، وإذا لم يكن فيه الشراب لم يسم كأسا، ولا وجه لتخصيصه بالزجاجة، بل يكون من الزجاج ومن الذهب والفضة والصيني وغير ذلك، وقد كانت كاسات العرب من أجناس مختلفة، وقد يطلق الكأس على نفس الخمر كما في قول الشاعر:
وكأس شربت على لذة * وأخرى تداويت منها بها (كان مزاجها كافورا) أي يخالطها وتمزج به، يقال مزجه يمزجه مزجا: أي خلطه يخلطه خلطا، ومنه قول الشاعر: كأن سبية من بيت رأس * كان مزاجها عسل وماء وقول عمرو بن كلثوم:
صددت الكأس عنا أم عمرو * وكان الكأس مجراها اليمينا معتقة كأن الخص فيها * إذا ما الماء خالطها سخينا ومنه مزاج البدن، وهو ما يمازجه من الأخلاط، والكافور قيل: هو اسم عين في الجنة يقال لها الكافوري تمزج خمر الجنة بماء هذه العين. وقال قتادة ومجاهد: تمزج لهم بالكافور وتختم لهم بالمسك. وقال عكرمة: مزاجها طعمها، وقيل إنما الكافور في ريحها لا في طعمها. وقيل إنما أراد الكافور في بياضه وطيب رائحته وبرده، لأن الكافور لا يشرب كما في قوله - حتى إذا جعله نارا - أي كنار. وقال ابن كيسان: طيبها المسك والكافور والزنجبيل. وقال مقاتل: ليس هو كافور الدنيا، وإنما سمى الله ما عنده بما عندكم حتى تهتدى له القلوب، والجملة في محل جر صفة لكأس. وقيل إن كان هنا زائدة: أي من كأس مزاجها كافورا (عينا يشرب بها عباد الله) انتصاب عينا على أنها بدل من كافورا، لأن ماءها في بياض الكافور. وقال مكي: إنها بدل من محل " من كأس " على حذف مضاف كأنه قيل: يشربون خمرا خمر عين، وقيل إنها منتصبة على أنها مفعول يشربون: أي عينا من كأس، وقيل هي منتصبة على الاختصاص، قاله الأخفش وقيل منتصبة باضمار فعل يفسره ما بعده: أي