قوله (ولقد آتينا موسى الكتاب والحكم والنبوة) المراد بالكتاب التوراة وبالحكم الفهم والفقه الذي يكون بهما الحكم بين الناس وفصل خصوماتهم، وبالنبوة من بعثه الله من الأنبياء فيهم (ورزقناهم من الطيبات) أي المستلذات التي أحلها الله لهم، ومن ذلك المن والسلوى (وفضلناهم على العالمين) من أهل زمانهم حيث آتيناهم ما لم نؤت من عداهم من فلق البحر ونحوه، وقد تقدم بيان هذا في سورة الدخان (وآتيناهم بينات من الأمر) أي شرائع واضحات في الحلال والحرام، أو معجزات ظاهرات، وقيل العلم بمبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشواهد نبوته، وتعيين مهاجره (فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم) أي فما وقع الاختلاف بينهم في ذلك الأمر إلا بعد مجئ العلم إليهم بيانه وإيضاح معناه، فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجبا لثبوته، وقيل المراد بالعلم يوشع بن نون، فإنه آمن به بعضهم وكفر بعضهم، وقيل نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فاختلفوا فيها حسدا وبغيا، وقيل (بغيا) من بعضهم على بعض بطلب الرئاسة (إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) من أمر الدين، فيجازي المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته (ثم جعلناك على شريعة من الأمر) الشريعة في اللغة المذهب. والملة والمنهاج ويقال: لمشرعة إلا الماء وهي مورد شاربيه شريعة، ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد، فالمراد بالشريعة هنا ما شرعه الله لعباده من الدين، والجمع شرائع: أي جعلناك يا محمد على منهاج واضح من أمر الدين يوصلك إلى الحق (فاتبعها) فاعمل بأحكامها في أمتك (ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) توحيد الله وشرائعه
(٧)