ذلك عبد الله بن أبي فقال: أو قد فعلوها، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منه الأذل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقام عمر فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: دعه، لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " زاد الترمذي " فقال له ابنه عبد الله: والله لا تنفلت حتى تقرأنك الذليل، ورسول الله العزيز، ففعل ".
سورة المنافقين (9 - 11) لما ذكر سبحانه قبائح المنافقين رجع إلى خطاب المؤمني مرغبا لهم في ذكره فقال (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) فحذرهم عن أخلاق المنافقين الذين ألهتهم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله، ومعنى لا تلهكم: لا تشغلكم، والمراد بالذكر فرائض الإسلام، قاله الحسن. وقال الضحاك: الصلوات الخمس وقيل قراءة القرآن، وقيل هو خطاب للمنافقين، ووصفهم بالإيمان لكونهم آمنوا ظاهرا، والأول أولى (ومن يفعل ذلك) أي يلتهى بالدنيا عن الدين (فأولئك هم الخاسرون) أي الكاملون في الخسران (وأنفقوا مما رزقناكم) الظاهر أن المراد الإنفاق في الخير على عمومه، ومن للتبعيض: أي أنفقوا بعض ما رزقناكم في سبيل الخير، وقيل المراد الزكاة المفروضة (من قبل أن يأتي أحدكم الموت) بأن تنزل به أسبابه ويشاهد حضور علاماته، وقدم المفعول على الفاعل للاهتمام (فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب) أي يقول عند نزول ما نزل به مناديا لربه هلا أمهلتني وأخرت موتي إلى أجل قريب: أي أمد قصير (فأصدق) أي فأتصدق بمالي (وأكن من الصالحين) قرأ الجمهور " فأصدق " بإدغام التاء في الصاد، وانتصابه على أنه جواب التمني، وقيل إن لا في لولا زائدة، والأصل لو أخرتني. وقرأ أبي وابن مسعود وسعيد بن جبير " فأتصدق " بدون إدغام على الأصل. وقرأ الجمهور " وأكن " بالجزم على محل فأتصدق، كأنه قيل إن أخرتني أتصدق وأكن. قال الزجاج: معناه هلا أخرتني، وجزم أكن على موضع فأصدق لأنه على معنى إن أخرتني أصدق وأكن. وكذا قال أبو علي الفارسي وابن عطية وغيرهم. وقال سيبويه حاكيا عن الخليل: إنه جزم على توهم الشرط الذي يدل عليه التمني، وجعل سيبويه هذا نظير قول زهير:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى * ولا سابق شيئا إذا كان حائيا فخفض ولا سابق عطفا على مدرك الذي هو خبر ليس على توهم زيادة الباء فيه. وقرأ أبو عمرو وابن محيصن ومجاهد " وأكون " بالنصب عطفا على فأصدق، ووجهها واضح. ولكن قال أبو عبيد: رأيت في مصحف عثمان " وأكن " بغير واو، وقرأ عبيد بن عمير " وأكون " بالرفع على الاستئناف: أي وأنا أكون. قال الضحاك:
لا ينزل بأحد الموت لم يحج ولم يؤد زكاة إلا سأل الرجعة، وقرأ هذه الآية، ثم أجاب الله سبحانه عن هذا المتمني فقال (ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها) أي إذا حضر أجلها وانقضى عمرها (والله خبير بما تعملون) لا يخفى