قوله (إنا أرسلناك شاهدا) أي على أمتك بتبليغ الرسالة إليهم (ومبشرا) بالجنة للمطيعين (ونذيرا) لأهل المعصية (لتؤمنوا بالله ورسوله) قرأ الجمهور " لتؤمنوا " بالفوقية. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتحتية، فعلى القراءة الأولى الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأمته، وعلى القراءة الثانية المراد المبشرين والمنذرين، وانتصاب شاهدا ومبشرا ونذيرا على الحال المقدرة (وتعزروه وتوقروه وتسبحوه) الخلاف بين القراء في هذه الثلاثة الأفعال كالخلاف في " لتؤمنوا " كما سلف، ومعنى تعزروه: تعظموه وتفخموه، قاله الحسن والكلبي، والتعزير:
التعظيم والتوقير. وقال قتادة: تنصروه وتمنعوا منه. وقال عكرمة: تقاتلون معه بالسيف، ومعنى توقروه:
تعظموه. وقال السدى: تسودوه، قيل والضميران في الفعلين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهنا وقف تام، ثم يبتدئ وتسبحوه: أي تسبحوا الله عز وجل (بكرة وأصيلا) أي غدوة وعشية، وقيل الضمائر كلها في الأفعال الثلاثة لله عز وجل، فيكون معنى تعزروه وتوقروه: تثبتون له التوحيد وتنفون عنه الشركاء، وقيل تنصروا دينه وتجاهدوا مع رسوله. وفي التسبيح وجهان، أحدهما التنزيه له سبحانه من كل قبيح، والثاني الصلاة (إن الذين يبايعونك) يعنى بيعة الرضوان بالحديبية، فإنهم بايعوا تحت الشجرة على قتال قريش (إنما يبايعون الله) أخبر سبحانه أن هذه البيعة لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم هي بيعة له كما قال - ومن يطع الرسول فقد أطاع الله - وذلك لأنهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة، وجملة (يد الله فوق أيديهم) مستأنفة لتقرير ما قبلها على طريق التخييل،