يمسكه. وقال أبو العالية: المسجور الذي ذهب ماؤه، وقيل المسجور المفجور، ومنه - وإذا البحار فجرت - وقال الربيع بن أنس: هو الذي يختلط فيه العذب بالمالح. والأول أولى، وبه قال مجاهد والضحاك ومحمد بن كعب والأخفش وغيرهم (إن عذاب ربك لواقع) هذا جواب القسم: أي كائن لا محالة لمن يستحقه (ماله من دافع) يدفعه ويرده عن أهل النار، وهذه الجملة خبر ثان لإن، أو صفة لواقع، ومن مزيدة للتأكيد. ووجه تخصيص هذه الأمور بالإقسام بها أنها عظيمة دالة على كمال القدرة الربانية (يوم تمور السماء مورا) العامل في الظرف لواقع: أي إنه لواقع في هذا اليوم، ويجوز أن يكون العامل فيه دافع. والمور: الاضطراب والحركة، قال أهل اللغة: مار الشئ يمور مورا: إذا تحرك وجاء وذهب قاله الأخفش وأبو عبيدة: وأنشدا بيت الأعشى:
كأن مشيتها من بيت جارتها * مشى السحابة لا ريث ولا عجل وليس في البيت ما يدل على ما قالاه إلا إذا كانت هذه المشيئة المذكورة في البيت يطلق المور عليها لغة. وقال الضحاك: يموج بعضها في بعض، وقال مجاهد: تدور دورا، وقيل تجري جريا، ومنه قول الشاعر:
وما زالت القتلى تمور دماؤها * بدجلة حتى ماء دجلة أشكل ويطلق المور على الموج، ومنه ناقة موارة اليد: أي سريعة تموج في مشيها موجا، ومعنى الآية أن العذاب يقع بالعصاة ولا يدفعه عنهم دافع في هذا اليوم الذي تكون فيه السماء هكذا، وهو يوم القيامة. وقيل إن السماء ها هنا الفلك، وموره: اضطراب نظمه واختلاف سيره (وتسير الجبال سيرا) أي نزول عن أماكنها وتسير عن مواضعها كسير السحاب وتكون هباء منبثا، قيل ووجه تأكيد الفعلين بالمصدر الدالة على غرابتها وخروجهما عن المعهود، وقد تقدم تفسير مثل هذا في سورة الكهف (فويل يومئذ للمكذبين) ويل كلمة تقال للهالك، واسم واد في جهنم، وإنما دخلت الفاء لأن في الكلام معنى المجازاة: أي إذا وقع ما ذكر من مور السماء وسير الجبال فويل لهم. ثم وصف المكذبين بقوله (الذين هم في خوض يلعبون) أي في تردد في الباطل واندفاع فيه يلهون لا يذكرون حسابا ولا يخافون عقابا. والمعنى: أنهم يخوضون في أمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالتكذيب والاستهزاء، وقيل يخوضون في أسباب الدنيا ويعرضون عن الآخرة (يوم يدعون إلى نار جهنم دعا) الدع الدفع بعنف وجفوة: يقال دععته أدعه دعا: أي دفعته، والمعنى: أنهم يدفعون إلى النار دفعا عنيفا شديدا. قال مقاتل:
تغل أيديهم إلى أعناقهم وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم، ثم يدفعون إلى جهنم دفعا على وجوههم. قرأ الجمهور بفتح الدال وتشديد العين. وقرأ على والسلمي وأبو رجاء وزيد بن علي وابن السميفع بسكون الدال وتخفيف العين مفتوحة: أي يدعون إلى النار من الدعاء. ويوم إما بدل من يوم تمور: أو متعلق بالقول المقدر في الجملة التي بعد هذه، وهي (هذه النار التي كنتم بها تكذبون) أي يقال لهم ذلك يوم يدعون إلى نار جهنم دعا: أي هذه النار التي تشاهدونها هي النار التي كنتم تكذبون بها في الدنيا، والقائل لهم بهذه المقالة هم خزنة النار. ثم وبخهم سبحانه أو أمر ملائكته بتوبيخهم، فقال (أفسحر هذا) الذي ترون وتشاهدون كما كنتم تقولون لرسل الله المرسلة ولكتبه المنزلة، وقدم الخبر هنا على المبتدأ لأنه الذي وقع الاستفهام عنه وتوجه التوبيخ إليه (أم أنتم لا تبصرون) أي أم أنتم عمي عن هذا كما كنتم عميا عن الحق في الدنيا (اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا) أي إذا لم يمكنكم إنكارها وتحققتم أن ذلك ليس بسحر ولم يكن في أبصاركم بعد خلل، فالآن ادخلوها وقاسوا شدتها فاصبروا على العذاب أو لا تصبروا وافعلوا ما شئتم، فالأمران (سواء عليكم) في عدم النفع، قيل أيضا تقول لهم الملائكة هذا القول، وسواء خبر مبتدإ محذوف: أي الأمران سواء، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف: أي سواء عليكم