جمع حديقة: وهي البستان المحوط عليه، والأعناب جمع عنب: أي كروم أعناب (وكواعب أترابا) الكواعب جمع كاعبة: وهي الناهدة، يقال: كعبت الجارية تكعب تكعيبا وكعوبا، ونهدت تنهد نهودا، والمراد أنهم نساء كواعب تكعبت ثديهن وتفلكت: أي صارت ثديهن كالكعب في صدورهن. قال الضحاك: الكواعب العذارى. قال قيس بن عاصم:
وكم من حصان قد حوينا كريمة * وكم كاعب لم تدر ما البؤس معصر وقال عمر بن أبي ربيعة:
وكان مجنى دون ما كنت أتقى * ثلاث شخوص كاعبات ومعصر * والأتراب: الأقران في السن، وقد تقدم تحقيقه في سورة البقرة (وكأسا دهاقا) أي ممتلئة. قال الحسن وقتادة وابن زيد: أي مترعة مملوءة، يقال أدهقت الكأس: أي ملأتها، ومنه قول الشاعر:
ألا أسقني صرفا سقاك الساقي * من مائها بكأسك الدهاق وقال سعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد (دهاقا) متتابعة يتبع بعضها بعضا. وقال زيد بن أسلم (دهاقا) صافية، والمراد بالكأس الإناء المعروف، ولا يقال له الكأس إلا إذا كان فيه الشراب (لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا) أي لا يسمعون في الجنة لغوا، وهو الباطل من الكلام، ولا كذابا: أي ولا يكذب بعضهم بعضا. قرأ الجمهور " كذابا " بالتشديد، وقرأ الكسائي هنا بالتخفيف، ووافق الجماعة على التشديد في قوله " وكذبوا بآياتنا كذابا " المتقدم في هذه السورة للتصريح بفعله هناك، وقد قدمنا الخلاف في كذابا هل هو من مصادر التفعيل أو من مصادر المفاعلة؟ (جزاء من ربك) أي جازاهم بما تقدم ذكره جزاء. قال الزجاج: المعنى جزاهم جزاء، وكذا (عطاء) أي وأعطاهم عطاء (حسابا) قال أبو عبيدة: كافيا. وقال ابن قتيبة: كثيرا، يقال أحسبت فلانا: أي أكثرت له العطاء، ومنه قول الشاعر:
ونعطي وليد الحي إن كان جائعا * ونحسبه إن كان ليس بجائع قال ابن قتيبة: أي نعطيه حتى يقول حسبي. قال الزجاج: حسابا: أي ما يكفيهم. قال الأخفش: يقال أحسبني كذا: أي كفاني. قال الكلبي: حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشرا. وقال مجاهد: حسابا لما عملوه، فالحساب بمعنى القدر: أي يقدر ما وجب له في وعد الرب سبحانه، فإنه وعد للحسنة عشرا، ووعد لقوم سبعمائة ضعف، وقد وعد لقوم جزاء لا نهاية له ولا مقدار كقوله - إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب - وقرأ أبو هاشم " حسابا " بفتح الحاء وتشديد السين: أي كفافا. قال الأصمعي: تقول العرب: حسبت الرجل بالتشديد: إذا أكرمته، ومنه قول الشاعر: إذا أتاه ضيفه يحسبه * وقرأ ابن عباس " حسانا " بالنون (رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن). قرأ ابن مسعود ونافع وأبو عمرو وابن كثير وزيد عن يعقوب والمفضل عن عاصم برفع (رب) و (الرحمن) على أن رب مبتدأ والرحمن خبره أو على أن رب خبر مبتدإ مقدر: أي هو رب، والرحمن صفته، و (لا يملكون) خبر رب، أو على أن رب مبتدأ، والرحمن مبتدأ ثان، ولا يملكون خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول. وقرأ يعقوب في رواية عنه وابن عامر وعاصم في رواية عنه بخفضهما على أن رب بدل من ربك، والرحمن صفة له. وقرأ ابن عباس وحمزة والكسائي بخفض الأول على البدل، ورفع الثاني على أنه خبر مبتدإ محذوف: أي هو الرحمن، واختار هذه القراءة أبو عبيد وقال هذه القراءة أعدلها، فخفض رب لقربه