الظاء: أي كهشيم الحظيرة، فمن قرأ بالكسر أراد الفاعل للاحتظار، ومن قرأ بالفتح أراد الحظيرة، وهي فعيلة بمعنى مفعولة، ومعنى الآية أنهم صاروا كالشجر إذا يبس في الحظيرة وداسته الغنم بعد سقوطه، ومنه قول الشاعر:
أثرن عجاجه كدخان نار * تشب بغرقد بال هشيم وقال قتادة: هو العظام النخرة المحترقة. وقال سعيد بن جبير: هو التراب المتناثر من الحيطان في يوم ريح.
وقال سفيان الثوري: هو ما يتناثر من الحظيرة إذا ضربتها بالعصى. قال ابن زيد: العرب تسمى كل شئ كان رطبا فيبس هشيما، ومنه قول الشاعر:
ترى جيف المطي بجانبيه * كأن عظامها خشب الهشيم (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) قد تقدم تفسير هذا في هذه السورة. ثم أخبر سبحانه عن قوم لوط بأنهم كذبوا رسل الله كما كذبهم غيرهم فقال (كذبت قوم لوط بالنذر) وقد تقدم تفسير النذر قريبا.
ثم بين سبحانه ما عذبهم به فقال (إنا أرسلنا عليهم حاصبا) أي ريحا ترميهم بالحصباء، وهي الحصى. قال أبو عبيدة والنضر بن شميل: الحاصب الحجارة في الريح. قال في الصحاح: الحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء، ومنه قول الفرزدق: مستقبلين شمال الشام يضربها * بحاصب كنديف القطن منثور * (إلا آل لوط نجيناهم بسحر) يعني لوطا ومن تبعه، والسحر آخر الليل، وقيل هو في كلام العرب اختلاط سواد الليل ببياض أول النهار، وانصرف سحر لأنه نكرة لم يقصد به سحر ليلة معينة، ولو قصد معينا لامتنع. كذا قال الزجاج والأخفش وغيرهما، وانتصاب (نعمة من عندنا) على العلة، أو على المصدرية: أي إنعاما منا على لوط ومن تبعه (كذلك نجزي من شكر) أي مثل ذلك الجزاء نجزي من شكر نعمتنا ولم يكفرها (ولقد أنذرهم بطشتنا) أي أنذر لوط قومه بطشة الله بهم وهي عذابه الشديد وعقوبته البالغة (فتماروا بالنذر) أي شكوا في الإنذار ولم يصدقوه، وهو تفاعلوا من المرية، وهي الشك (ولقد راودوه عن ضيفه) أي أرادوا منه تمكينهم ممن أتاه من الملائكة ليفجروا بهم كما هو دأبهم، يقال راودته عن كذا مراودة وروادا: أي أردته، وراد الكلام يروده رودا: أي طلبه، وقد تقدم تفسير المراودة مستوفي في سورة هود (فطمسنا أعينهم) أي صيرنا أعينهم ممسوحة لا يرى لها شق كما تطمس الريح الأعلام بما تسقى عليها من التراب. وقيل أذهب الله نور أبصارهم مع بقاء الأعين على صورتها. قال الضحاك: طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل فرجعوا (فذوقوا عذابي ونذر) قد تقدم تفسيره في هذه السورة (ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر) أي أتاهم صباحا عذاب مستقر بهم نازل عليهم لا يفارقهم ولا ينفك عنهم. قال مقاتل: استقر بهم العذاب بكرة، وانصراف بكرة لكونه لم يرد بها وقتا بعينه كما سبق في بسحر (فذوقوا عذابي ونذر. ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) قد تقدم تفسير هذا في هذه السورة، ولعل وجه تكرير تيسير القرآن للذكر في هذه السورة الاشعار بأنه منة عظيمة لا ينبغي لأحد أن يغفل عن شكرها.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا) قال: باردة (في يوم نحس) قال أيام شداد. وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يوم الأربعاء يوم نحس مستمر " وأخرجه عنه ابن مردويه من وجه آخر مرفوعا. وأخرجه ابن مردويه عن علي