سورة المعارج (19 - 39) قوله (إن الإنسان خلق هلوعا) قال في الصحاح: الهلع في اللغة. أشد الحرص وأسوأ الجزع وأفحشه يقال هلع بالكسر فهو هلع وهلوع على التكثير. وقال عكرمة: هو الضجور. قال الواحدي والمفسرون يقولون تفسير الهلع ما بعده يعني قوله (إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا) أي إذا أصابه الفقر والحاجة أو المرض أو نحو ذلك فهو جزوع: أي كثير الجزع، وإذا أصابه الخير من الغنى والخصب والسعة ونحو ذلك فهو كثير المنع والإمساك. وقال أبو عبيدة: الهلوع هو الذي إذا مسه الخير لم يشكر، وإذا مسه الشر لم يصبر. قال ثعلب:
قد فسر الله الهلوع: هو الذي إذا أصابه الشر أظهر شدة الجزع، وإذا أصابه الخير بخل به ومنعه الناس، والعرب تقول: ناقة هلوع وهلواع إذا كانت سريعة السير خفيفة، ومنه قول الشاعر:
شكا ذعلبة إذا استدبرتها * حرج إذا استقبلتها هلواع والذعلبة: الناقة السريعة، وانتصاب هلوعا وجزوعا ومنوعا على أنها أحوال مقدرة، أو محققة لكونها طبائع جبل الإنسان عليها، والظرفان معمولان لجزوعا ومنوعا (إلا المصلين) أي المقيمين للصلاة، وقيل المراد بهم أهل التوحيد: يعني أنهم ليسوا على تلك الصفات من الهلع، والجزع، والمنع، وأنهم على صفات محمودة وخلال مرضية، لأن إيمانهم وما تمسكوا به من التوحيد ودين الحق يزجرهم عن الاتصاف بتلك الصفات، ويحملهم على الاتصاف بصفات الخير. ثم بينهم سبحانه. فقال (الذين هم على صلاتهم دائمون) أي لا يشغلهم عنها شاغل، ولا يصرفهم عنها صارف، وليس المراد بالدوام أنهم يصلون أبدا. قال الزجاج: هم الذين لا يزيلون وجوههم عن سمت القبلة. وقال الحسن وابن جريج: هو التطوع منها. قال النخعي: المراد بالمصلين الذين يؤدون الصلاة المكتوبة، وقيل الذين يصلونها لوقتها والمراد بالآية جميع المؤمنين، وقيل الصحابة خاصة، ولا وجه لهذا التخصيص لاتصاف كل مؤمن بأنه من المصلين (والذين في أموالهم حق معلوم) قال قتادة: ومحمد بن سيرين: