قوله (تبارك الذي بيده الملك) تبارك تفاعل من البركة، والبركة النماء والزيادة، وقيل تعالى وتعاظم عن صفات المخلوقين، وقيل دام فهو الدائم الذي لا أول لوجوده ولا آخر لدوامه. وقال الحسن: تبارك تقدس، وصيغة التفاعل للمبالغة، واليد مجاز عن القدرة والاستيلاء، والملك هو ملك السماوات والأرض في الدنيا والآخرة فهو يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويرفع من يشاء ويضع من يشاء، وقيل المراد بالملك ملك النبوة، والأول أولى، لأن الحمل على العموم أكثر مدحا وأبلغ ثناء، ولا وجه للتخصيص (وهو على كل شئ قدير) أي بليغ القدرة لا يعجزه شئ من الأشياء يتصرف في ملكه كيف يريد من إنعام وانتقام ورفع ووضع وإعطاء ومنع (الذي خلق الموت والحياة) الموت انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته له، والحياة تعلق الروح بالبدن واتصاله به، وقيل هي ما يصح بوجوده الإحساس، وقيل ما يوجب كون الشئ حيا، وقيل المراد الموت في الدنيا والحياة في الآخرة.
وقدم الموت على الحياة لأن أصل الأشياء عدم الحياة، والحياة عارضة لها، وقيل لأن الموت أقرب إلى القهر، وقال مقاتل: خلق الموت: يعني النطفة والمضغة والعلقة، والحياة يعني خلقه إنسانا وخلق الروح فيه، وقيل خلق الموت على صورة كبش لا يمر على شئ إلا مات، وخلق الحياة على صورة فرس لا تمر بشئ إلا حي، قاله مقاتل والكلبي. وقد ورد في التنزيل - قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم - وقوله - ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة - وقوله - توفته رسلنا - وقوله - الله يتوفى الأنفس حين موتها - وغير ذلك من الآيات (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) اللام متعلقة بخلق: أي خلق الموت والحياة ليعاملكم معاملة من يختبركم أيكم أحسن عملا،