لا يخطر بباله ولا يكون في حسابه. قال الشعبي والضحاك: هذا في الطلاق خاصة: أي من طلق كما أمره الله يكن له مخرج في الرجعة في العدة وأنه يكون كأحد الخطاب بعد العدة. وقال الكلبي: ومن يتق الله بالصبر عند المصيبة يجعل له مخرجا من النار إلى الجنة. وقال الحسن: مخرجا مما نهى الله عنه. وقال أبو العالية: مخرجا من كل شئ ضاق على الناس. وقال الحسين بن الفضل: ومن يتق الله في أداء الفرائض يجعل له مخرجا من العقوبة ويرزقه الثواب من حيث لا يحتسب: أي يبارك له فيما آتاه. وقال سهل بن عبد الله: ومن يتق الله في اتباع السنة يجعل له مخرجا من عقوبة أهل البدع ويرزقه الجنة من حيث لا يحتسب، وقيل غير ذلك. وظاهر الآية العموم، ولا وجه للتخصيص بنوع خاص ويدخل ما فيه السياق دخولا أوليا (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) أي ومن وثق بالله فيما نابه كفاه ما أهمه (إن الله بالغ أمره) قرأ الجمهور " بالغ أمره " بتنوين بالغ ونصب أمره، وقرأ حفص بالإضافة، وقرأ ابن أبي عبلة وداود بن أبي هند وأبو عمرو في رواية عنه بتنوين بالغ ورفع أمره على أنه فاعل بالغ، أو على أن أمره مبتدأ مؤخر وبالغ مقدم. قال الفراء في توجيه هذه القراءة: أي أمره بالغ، والمعنى على القراءة الأولى والثانية: أن الله سبحانه بالغ ما يريده من الأمر لا يفوته شئ ولا يعجزه مطلوب، وعلى القراءة الثالثة: أن الله نافذ أمره لا يرده شئ. وقرا المفضل " بالغا " بالنصب على الحال ويكون خبر إن قوله (قد جعل الله لكل شئ قدرا) أي تقديرا وتوقيتا أو مقدرا. فقد جعل سبحانه للشدة أجلا تنتهي إليه، وللرخاء أجلا ينتهي إليه.
وقال السدي: هو قدر الحيض والعدة (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم) وهن الكبار اللاتي قد انقطع حيضهن وأيسن منه (إن ارتبتم) أي شككتم وجهلتم كيف عدتهن (فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن لصغرهن وعدم بلوغهن سن المحيض: أي فعدتهن ثلاثة أشهر، وحذف هذا لدلالة ما قبله عليه (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) أي انتهاء عدتهن وضع الحمل، وظاهر الآية أن عدة الحوامل بالوضع سواء كن مطلقات أو متوفي عنهن، وقد تقدم الكلام في هذا في سورة البقرة مستوفى، وحققنا البحث في هذه الآية وفي الآية الأخرى - والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا - وقيل معنى (إن ارتبتم) إن تيقنتم، ورجح ابن جرير أنه بمعنى الشك وهو الظاهر. قال الزجاج: إن ارتبتم في حيضها وقد انقطع عنها الحيض وكانت ممن يحيض مثلها. وقال مجاهد: إن ارتبتم: يعني لم تعلموا عدة الآيسة والتي لم تحض فالعدة هذه. وقيل المعنى: إن ارتبتم في الدم الذي يظهر منها هل هو حيض أم لا بل استحاضة فالعدة ثلاثة أشهر (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) أي من يتقه في امتثال أوامره واجتناب نواهيه يسهل عليه أمره في الدنيا والآخرة. وقال الضحاك: من يتق الله فليطلق للسنة يجعل له من أمره يسرا في الرجعة. وقال مقاتل: من يتق الله في اجتناب معاصيه ويجعل له من أمره يسرا في توفيقه للطاعة، والإشارة بقوله (ذلك) إلى ما ذكر من الأحكام:
أي ذلك المذكور من الأحكام (أمر الله أنزله إليكم) أي حكمه الذي حكم به بين عباده وشرعه الذي شرعه لهم، ومعنى (أنزله إليكم) أنزله في كتابه على رسوله وبينه لكم وفصل أحكامه وأوضح حلاله وحرامه (ومن يتق الله) يترك ما لا يرضاه (يكفر عنه سيئاته) التي اقترفها، لأن التقوى من أسباب المغفرة للذنوب (ويعظم له أجرا) أي يعطه من الأجر في الآخرة أجرا عظيما وهو الجنة.
وقد اخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال: طلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حفصة فأتت أهلها، فأنزل الله (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) فقيل له راجعها فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك في الجنة. وأخرجه ابن جرير عن قتادة مرسلا. وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال: طلق عبد يزيد أبو ركانة