أبي ذر موقوفا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس (إذ أدبر) قال: دبور ظلامه. وأخرج مسدد في مسنده وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: سألت ابن عباس عن قوله (والليل إذ أدبر) فسكت عني حتى إذا كان من آخر الليل وسمع الأذان ناداني يا مجاهد هذا حين دبر الليل. وأخرج ابن جرير عنه في قوله (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر) قال: من شاء اتبع طاعة الله ومن شاء تأخر عنها.
سورة المدثر (38 - 56) قوله (كل نفس بما كسبت رهينة) أي مأخوذة بعملها ومرتهنة به، إما خلصها وإما أوبقها، والرهينة اسم بمعنى الرهن، كالشيمة بمعنى الشيم، وليست صفة، ولو كانت صفة لقيل رهين، لأن فعيلا يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمعنى: كل نفس رهن بكسبها غير مفكوكة (إلا أصحاب اليمين) فإنهم لا يرتهنون بذنوبهم، بل يفكون بما أحسنوا من أعمالهم.
واختلف في تعيينهم، فقيل هم الملائكة، وقيل المؤمنون، وقيل أولاد المسلمين، وقيل الذين كانوا عن يمين آدم، وقيل أصحاب الحق، وقيل هم المعتمدون على الفضل دون العمل، وقيل هم الذين اختارهم الله لخدمته (في جنات) هو في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والجملة استئناف جوابا عن سؤال نشأ مما قبله، ويجوز أن يكون في جنات حالا من أصحاب اليمين، وأن يكون حالا من فاعل يتساءلون، وأن يكون ظرفا ليتسائلون، وقوله (يتساءلون) يجوز أن يكون على بابه: أي يسأل بعضهم بعضا، ويجوز أن يكون بمعنى يسألون: أي يسألون غيرهم، نحو دعيته وتداعيته، فعلى الوجه الأول يكون (عن المجرمين) متعلقا بيتسائلون: أي يسأل بعضهم بعضا عن أحوال المجرمين، وعلى الوجه الثاني تكون عن زائدة: أي يسألون المجرمين، وقوله (ما سلككم في سقر) هو على تقدير القول: أي يتساءلون عن المجرمين يقولون لهم: ما سلككم في سقر، أو يسألونهم قائلين لهم: ما سلككم في سقر، والجملة على كلا التقديرين في محل نصب على الحال، والمعنى: ما أدخلكم في سقر، تقول سلكت الخيط في كذا: إذا دخلته فيه. قال الكلبي: يسأل الرجل من أهل الجنة الرجل من أهل النار باسمه، فيقول له: يا فلان ما سلكك في النار. وقيل إن الملائكة يسألون الملائكة عن أقربائهم، فتسأل الملائكة المشركين يقولون لهم: ما سلككم في سقر. قال الفراء: في هذا ما يقوى أن أصحاب اليمين هم الولدان، لأنهم