قوله (واذكر أخا عاد) أي واذكر يا محمد لقومك أخا عاد، وهو هود بن عبد الله بن رباح كان أخاهم في النسب، لا في الدين، وقوله (إذ أنذر قومه) بدل اشتمال منه: أي وقت إنذاره إياهم (بالأحقاف) وهي ديار عاد جمع حقف، وهو الرمل العظيم المستطيل المعوج قاله الخليل وغيره وكانوا قهروا أهل الأرض بقوتهم، والمعنى أن الله سبحانه أمره أن يذكر لقومه قصتهم ليتعظوا ويخافوا، وقيل أمره بأن يتذكر في نفسه قصتهم مع هود ليقتدي به ويهون عليه تكذيب قومه. قال عطاء: الأحقاف رمال بلاد الشجر. وقال مقاتل: هي باليمن في حضرموت وقال ابن زيد: هي رمال مبسوطة مستطيلة كهيئة الجبال، ولم تبلغ أن تكون جبالا (وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه) أي وقد مضت الرسل من قبله ومن بعده كذا قال الفراء وغيره. وفي قراءة ابن مسعود " من بين يديه ومن بعده " والجملة في محل نصب على الحال، ويجوز أن تكون معترضة بين إنذار هود وبين قوله لقومه (إني أخاف عليكم) والأول أولى. والمعنى: أعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبله والذين سيبعثون بعده كلهم منذرون نحو إنذاره، ثم رجع إلى كلام هود لقومه، فقال حاكيا عنه (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) وقيل إن جعل تلك الجملة اعتراضية أولى بالمقام وأوفق بالمعنى (قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا) أي لتصرفنا عن عبادتها، وقيل لتزيلنا، وقيل لتمنعنا والمعنى متقارب، ومنه قول عروة بن أذينة:
إن تك عن حسن الصنيعة مأفو * كا ففي آخرين قد أفكوا يقول: إن لم توفق للإحسان فأنت في قوم قد صرفوا عن ذلك (فأتنا بما تعدنا) من العذاب العظيم (إن كنت