بطن، من قولهم فلان يبطن أمر فلان: أي يعلم داخلة أمره، ويجوز أن يكون المعنى المحتجب عن الأبصار والعقول، وقد فسر هذه الأسماء الأربعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما سيأتي، فيتعين المصير إلى ذلك (وهو بكل شئ عليم) لا يعزب عن علمه شئ من المعلومات (هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) هذا بيان لبعض ملكه للسموات والأرض. وقد تقدم تفسيره في سورة الأعراف وفي غيرها مستوفى (يعلم ما يلج في الأرض) أي يدخل فيها من مطر وغيره (وما يخرج منها) من نبات وغيره (وما ينزل من السماء) من مطر وغيره (وما يعرج فيها) أي يصعد إليها من الملائكة وأعمال العباد، وقد تقدم تفسير هذا في سورة سبأ (وهو معكم أينما كنتم) أي بقدرته وسلطانه وعلمه، وهذا تمثيل للإحاطة بما يصدر منهم أينما داروا في الأرض من بر وبحر (والله بما تعملون بصير) لا يخفي عليه من أعمالكم شئ (له ملك السماوات والأرض) هذا التكرير للتأكيد (وإلى الله ترجع الأمور) لا إلى غيره. قرأ الجمهور " ترجع " مبنيا للمفعول. وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر على البناء للفاعل (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) قد تقدم تفسير هذا في سورة آل عمران، وفي مواضع (وهو عليم بذات الصدور) أي بضمائر الصدور ومكنوناتها، لا يخفي عليه من ذلك خافية.
وقد أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والبيهقي عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسأله خادما، فقال قولي: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، وربنا ورب كل شئ، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل شئ أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ، وأنت الباطن فليس دونك شئ، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر ". وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة من وجه آخر مرفوعا مثل هذا في الأربعة الأسماء المذكورة وتفسيرها. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عمر وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا يزال الناس يسألون عن كل شئ حتى يقولوا: هذا الله كان قبل كل شئ، فماذا كان قبل الله؟ فإن قالوا لكم ذلك فقولوا: هو الأول قبل كل شئ، والآخر فليس بعده شئ، وهو الظاهر فوق كل شئ، وهو الباطن دون كل شئ، وهو بكل شئ عليم ". وأخرج أبو داود عن أبي زميل قال: سألت ابن عباس فقلت: ما شئ أجده في صدري، قال ما هو؟ قلت: والله لا أتكلم به، قال: فقال لي: أشئ من شك؟ قال وضحك، قال: ما نجا من ذلك أحد، قال حتى أنزل الله - فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك - الآية قال: وقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئا فقل: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (وهو معكم أينما كنتم) قال: عالم بكم أينما كنتم.
سورة الحديد (7 - 11)