ما يدل على أن ذلك سبب النزول، بل فيهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم تلا الآية وقوله: هي زكاة الفطر، يمكن أن يراد به أنها مما يصدق عليه التزكي، وقد قدمنا أن السورة مكية، ولم تكن في مكة صلاة عيد ولا فطرة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي سعيد الخدري (قد أفلح من تزكى) قال: أعطى صدقة الفطر قبل أن يخرج إلى العيد (وذكر اسم ربه فصلى) قال: خرج إلى العيد وصلى. وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن ابن عمر قال " إنما أنزلت هذه الآية في إخراج صدقة الفطر قبل صلاة العيد (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) ". وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: قلت لابن عباس: أرأيت قوله (قد أفلح من تزكى) للفطر قال: لم أسمع بذلك، ولكن للزكاة كلها. ثم عاودته فقال لي: والصدقات كلها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن عرفجة الثقفي قال: استقرأت ابن مسعود (سبح اسم ربك الأعلى) فلما بلغ (بل تؤثرون الحياة الدنيا) ترك القراءة، وأقبل على أصحابه فقال: آثرنا الدنيا على الآخرة، فسكت القوم، فقال: آثرنا الدنيا لأنا رأينا زينتها ونساءها وطعامها وشرابها، وزويت عنا الآخرة فاخترنا هذا العاجل وتركنا الآجل، وقال (بل يؤثرون الحياة الدنيا) بالياء. وأخرج البزار وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " هي كلها في صحف إبراهيم وموسى ". وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه في الآية قال:
نسخت هذه السورة من صحف إبراهيم وموسى، وفي لفظ: هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى. وأخرج عبد ابن حميد وابن مردويه وابن عساكر عن أبي ذر قال " قلت يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب " الحديث.
تفسير سورة الغاشية هي ست وعشرون آية، وهي مكية بلا خلاف وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت سورة الغاشية بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله، وقد تقدم حديث النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " كان يقرأ سبح اسم ربك الأعلى، والغاشية في صلاة العيد، ويوم الجمعة ".
سورة الغاشية (1 - 26)