(فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين) لا يستحق الحمد سواه. قرأ الجمهور " رب " في المواضع الثلاثة بالجر على الصفة للاسم الشريف. وقرأ مجاهد وحميد وابن محيصن بالرفع في الثلاثة على تقدير مبتدأ: أي هو رب السماوات الخ (وله الكبرياء في السماوات والأرض) أي الجلال والعظمة والسلطان، وخص السماوات والأرض لظهور ذلك فيهما (وهو العزيز الحكيم) أي العزيز في سلطانه. فلا يغالبه مغالب، الحكيم في كل أفعاله وأقواله وجميع أقضيته.
وقد أخرج سعيد بن منصور وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن عبد الله ابن باباه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين، ثم قرأ سفيان ويري كل أمة جاثية) ". وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر في قوله (وترى كل أمة جاثية) قال: كل أمة مع نبيها حتى يجئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كوم قد علا الخلائق، فذلك المقام المحمود. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) قال: هو أم الكتاب فيه أعمال بني آدم (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) قال: هم الملائكة يستنسخون أعمال بني آدم. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه بمعناه مطولا، فقام رجل فقال: يا ابن عباس، ما كنا نرى هذا تكتبه الملائكة في كل يوم وليلة، فقال ابن عباس إنكم لستم قوما عربا (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) هل يستنسخ الشئ إلا من كتاب. وأخرج ابن جرير عنه نحوه أيضا. وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب قال: إن لله ملائكة ينزلون في كل يوم بشئ يكتبون فيه أعمال بني آدم. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر نحو ما روى عن ابن عباس. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: يستنسخ الحفظة من أم الكتاب ما يعمل بنو آدم، فإنما يعمل الإنسان ما استنسخ الملك من أم الكتاب وأخرج نحوه الحاكم عنه وصححه. وأخرج الطبراني عنه أيضا في الآية قال: إن الله وكل ملائكة ينسخون من ذلك العام في رمضان ليلة القدر ما يكون في الأرض من حدث إلى مثلها من السنة المقبلة، فيتعارضون به حفظة الله على العباد عشية كل خميس، فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما في كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله (اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا) قال:
نترككم. وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يقول الله تبارك وتعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار ".
تفسير سورة الأحقاف هي أربع وثلاثون آية، وقيل خمس وثلاثون وهي مكية. قال القرطبي: في قول جميعهم. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير قالا: نزلت سورة حم الأحقاف بمكة. وأخرج ابن الضريس والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: " أقرأني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سورة الأحقاف وأقرأها آخر فخالف قراءته، فقلت من أقرأكها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: والله لقد أقرأني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير ذا، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت يا رسول الله ألم تقرئني كذا وكذا؟ قال بلى، وقال الآخر: ألم تقرئني كذا وكذا؟ قال