المعروف بسجود التلاوة. وقد وقع الخلاف هل هذا الموضع من مواضع السجود عند التلاوة أم لا؟ وقد تقدم في فاتحة هذه السورة الدليل على السجود (بل الذين كفروا يكذبون) أي يكذبون بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وبما جاء به من الكتاب المشتمل على إثبات التوحيد والبعث والثواب والعقاب (والله أعلم بما يوعون) أي بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب، وقال مقاتل: يكتمون من أفعالهم. وقال ابن زيد: يجمعون من الأعمال الصالحة والسيئة، مأخوذ من الوعاء الذي يجمع ما فيه، ومنه قول الشاعر:
الخير أبقى وإن طال الزمان به * والشر أخبث ما أوعيت من زاد ويقال وعاه حفظه، ووعيت الحديث أعيه وعيا، ومنه - أذن واعية - (فبشرهم بعذاب أليم) أي اجعل ذلك بمنزلة البشارة لهم، لأن علمه سبحانه بذلك على الوجه المذكور موجب لتعذيبهم، والأليم المؤلم الموجع، والكلام خارج مخرج التهكم بهم (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون) هذا الاستثناء منقطع: أي لكن الذين جمعوا بين الإيمان بالله والعمل الصالح لهم أجر عند الله غير ممنون: أي غير مقطوع، يقال مننت الحبل:
إذا قطعته، ومنه قول الشاعر:
فترى خلفهن من سرعة الرجع * منينا كأنه أهباء قال المبرد: المنين الغبار، لأنه تقطعه وراءها، وكل ضعيف منين وممنون، وقيل معنى غير ممنون أنه لا يمن عليهم به، ويجوز أن يكون الاستثناء متصلا إن أريد من آمن منهم.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في قوله (إذا السماء انشقت) قال: تنشقق السماء من المجرة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس (وأذنت لربها وحقت) قال: سمعت حين كلمها. وأخرج ابن أبي حاتم عنه (وأذنت لربها وحقت) قال: أطاعت وحقت بالطاعة. وأخرج الحاكم عنه وصححه قال: سمعت وأطاعت (وإذا الأرض مدت) قال: يوم القيامة (وألقت ما فيها) قال: أخرجت ما فيها من الموتى (وتخلت) عنهم، وأخرج ابن المنذر عنه أيضا (وألقت ما فيها) قال: سواري الذهب. وأخرج الحاكم. قال السيوطي بسند جيد عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم، ثم لا يكون لابن آدم فيها إلا موضع قدميه ". وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (إنك كادح إلى ربك كدحا) قال: عامل عملا (فملاقيه) قال: فملاق عملك. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ليس أحد يحاسب إلا هلك، فقلت أليس يقول الله (فأما من أوتى كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا)؟ قال: ليس ذلك بالحساب ولكن ذلك العرض، ومن نوقش الحساب هلك ". وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في بعض صلاته " اللهم حاسبني حسابا يسيرا، فلما انصرف قلت: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، إنه من نوقش الحساب هلك " وفي بعض ألفاظ الحديث الأول وهذا الحديث الآخر " من نوقش الحساب عذب ". وأخرج البزار والطبراني في الأوسط والبيهقي والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ثلاث من كن فيه يحاسبه الله حسابا يسيرا ويدخله الجنة برحمته: تعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك ". وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله (يدعوا ثبورا) قال: الويل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه (إنه ظن أن لن يحور) قال: يبعث. وأخرج