وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وأبو يعلى وابن شاهين والبيهقي في الشعب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسيه التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس ". وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله " الوسواس الخناس " قال: الشيطان جاث على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس. وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه والضياء في المختارة، والبيهقي عنه قال: ما من مولود يولد إلا على قلبه الوسواس، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس، فذلك قوله (الوسواس الخناس) وقد ورد في معنى هذا غيره، وظاهره أن مطلق ذكر الله يطرد الشيطان، وإن لم يكن على طريق الاستعاذة، ولذكر الله سبحانه فوائد جليلة حاصلها الفوز بخيري الدنيا والآخرة.
وإلى هنا انتهي هذا التفسير المبارك بقلم مؤلفه محمد بن علي بن محمد الشوكاني، غفر الله له ذنوبه. وكان الفراغ منه في ضحوة يوم السبت لعله الثامن والعشرون من شهر رجب أحد شهور سنة تسع وعشرين بعد مائتين وألف سنة من الهجرة النبوية.
اللهم كما مننت على بإكمال هذا التفسير وأعنتنى على تحصيله وتفضلت على بالفراغ منه، فامنن على بقبوله، واجعله لي ذخيرة خير عندك، وأجزل لي المثوبة بما لاقيته من التعب والنصب في تحريره وتقريره، وانفع به من شئت من عبادك ليدوم لي الانتفاع به بعد موتي، فإن هذا هو المقصد الجليل من التصنيف، واجعله خالصا لك، وتجاوز عني إذا خطر لي من خواطر السوء ما فيه شائبة تخالف الإخلاص، واغفر لي مالا يطابق مرادك، فإني لم أقصد في جميع أبحاثي فيه إلا إصابة الحق وموافقة ما ترضاه، فإن أخطأت فأنت غافر الخطيئات، ومسبل ذيل الستر على الهفوات، يا بارئ البريات، وأحمدك لا أحصى حمدا لك، وأشكرك لا أحصى شكرك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآله اه.
تم سماعا على مؤلفه حفظ الله عزته يوم الاثنين صبح اليوم الخامس من شهر ربيع الأول سنة 1241 ه.
كتبه يحيى بن علي الشوكاني غفر الله لهما.