في قوله (لهم البشرى في الحياة الدنيا) قال: الرؤيا الصالحة يبشر بها المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، فمن رأى ذلك فليخبر بها الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الآية قال " هي في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له، وفي الآخرة الجنة ".
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ وابن مردويه وابن منده من طريق أبي جعفر عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسر البشرى في الحياة الدنيا بالرؤيا الحبيبة، وفي الآخرة ببشارة المؤمن عند الموت: إن الله قد غفر لك ولمن حملك إلى قبرك. وأخرج ابن مردويه عنه مرفوعا مثل حديث جابر. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعا الشطر الأول من حديث جابر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس مثله. وقد وردت أحاديث صحيحة بأن الرؤيا الصالحة من المبشرات وأنها جزء من أجزاء النبوة، ولكنها لم تقيد بتفسير هذه الآية. وقد روى أن المراد بالبشرى في الآية هي قوله - وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا - أخرج ذلك ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بين أبي طلحة عن ابن عباس. وأخرج ابن المنذر عنه من طريق مقسم أنها قوله - إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا -. وأخرج ابن جرير والحاكم والبيهقي عن نافع قال: خطب الحجاج فقال: إن ابن الزبير بدل كتاب الله، فقال ابن عمر: لا تستطيع ذلك أنت ولا ابن الزبير، لا تبديل لكلمات الله.
سورة يونس الآية (65 - 70) قوله (ولا يحزنك قولهم) نهى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الحزن من قول الكفار المتضمن للطعن عليه وتكذيبه والقدح في دينه، والمقصود التسلية له والتبشير. ثم استأنف سبحانه الكلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معللا لما ذكره من النهي لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقال (إن العزة لله جميعا) أي الغلبة والقهر له في مملكته وسلطانه ليست لأحد من عباده، وإذا كان ذلك كله له فكيف يقدرون عليك حتى تحزن لأقوالهم الكاذبة وهم لا يملكون من الغلبة شيئا. وقرئ " يحزنك " ما أحزنه. وقرئ " أن العزة " بفتح الهمزة على معنى، لأن العزة لله، ولا ينافي ما في هذه الآية من جعل العزة جميعها لله تعالى قوله سبحانه - فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين - لأن كل عزة بالله فهي كلها لله، ومنه قوله - كتب الله لأغلبن أنا ورسلي - إنا لننصر رسلنا - (ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض) ومن جملتهم هؤلاء المشركون المعاصرون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا كانوا