مع الالتفات من الخطاب إلى الغيبة: أي ردوا بعد الحشر إلى الله: أي إلى حكمه وجزائه (مولاهم) مالكهم الذي يلي أمورهم (الحق) قرأ الجمهور بالجر صفة لاسم الله، وقرأ الحسن (الحق) بالنصب على إضمار فعل: أي أعني أو أمدح، أو على المصدر (وهو أسرع الحاسبين) لكونه لا يحتاج إلى ما يحتاجون إليه من الكفر والروية والتدبر.
وقد أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " مع كل إنسان ملك إذا نام يأخذ نفسه " فإذا أذن الله في قبض روحه قبضه وإلا ردها إليه، فذلك قوله تعالى: يتوفاكم بالليل ". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في الآية قال: ما من ليلة إلا والله يقبض الأرواح كلها، فيسأل كل نفس عما عمل صاحبها من النهار، ثم يدعو ملك الموت فيقول: اقبض روح هذا، وما من يوم إلا وملك الموت ينظر في كتاب حياة الإنسان، قائل يقول ثلاثا، وقائل يقول خمسا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال: أما وفاته إياهم بالليل فمنامهم، وأما (جرحتم بالنهار) فيقول: ما اكتسبتم بالنهار (ثم يبعثكم فيه) قال: في النهار (ليقضى أجل مسمى) وهو الموت. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس (ويعلم ما جرحتم) قال: ما كسبتم من الإثم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله (ويرسل عليكم حفظة) قال: هم المعقبات من الملائكة يحفظونه ويحفظون عمله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في الآية قال: أعوان ملك الموت من الملائكة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله (وهم لا يفرطون) يقول: لا يضيعون.
سورة الأنعام الآية (63 - 65) قيل المراد بظلمات البر والبحر: شدائدهما. قال النحاس والعرب تقول يوم مظلم: إذا كان شديدا. فإذا عظمت ذلك قالت: يوم ذو كوكب: أي يحتاجون فيه لشدة ظلمته إلى كوكب، وأنشد سيبويه:
بني أسد هل تعلمون بلاءنا * إذا كان يوم ذو كواكب أشنعا والاستفهام للتقريع والتوبيخ: أي من ينجيكم من شدائدهما العظيمة؟ قرأ أبو بكر عن عاصم (خفية) بكسر الخاء. وقرأ الباقون بضمها، وهما لغتان. وقرأ الأعمش (وخيفة) من الخوف. وجملة (تدعونه) في محل نصب على الحال: أي من ينجيكم من ذلك حال دعائكم له دعاء تضرع وخفية أو متضرعين ومخفين. والمراد بالتضرع هنا: دعاء الجهر. قوله (لئن أنجيتنا) كذا قرأ أهل المدينة وأهل الشام. وقرأ الكوفيون (لئن أنجانا) والجملة في محل نصب على تقدير القول: أي قائلين لئن أنجيتنا من هذه الشدة التي نزلت بنا وهي الظلمات المذكورة (لنكونن