يعني تركوا ما ذكروا به. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج (فلما نسوا ذكروا به) قال: ما دعاهم الله إليه ورسله أبوه وردوه عليهم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (فتحنا عليهم أبواب كل شئ) قال: رخاء الدنيا ويسرها. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة نحوه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله (حتى إذا فرحوا بما أوتوا) قال: من الرزق (أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون) قال: مهلكون متغير حالهم (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) يقول: فقطع أصل الذين ظلموا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن النضر الحارثي في قوله (أخذناهم بغتة) قال: أمهلوا عشرين سنة، ولا يخفى أن هذا مخالف لمعنى البغتة لغة ومحتاج إلى نقل عن الشارع وإلا فهو كلام لا طائل تحته. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: المبلس المجهود المكروب الذي قد نزل به الشر الذي لا يدفعه، والمبلس أشد من المستكين، وفى قوله (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) قال: استؤصلوا.
سورة الأنعام الآية (46 - 49) هذا تكرير للتوبيخ لقصد تأكيد الحجة عليهم، ووحد السمع لأنه مصدر يدل على الجمع بخلاف البصر ولهذا جمعه، والختم: الطبع، وقد تقدم تحقيقه في البقرة، والمراد: أخذ المعاني القائمة بهذه الجوارح أو أخذ الجوارح نفسها، والاستفهام في (من إله غير الله يأتيكم به) للتوبيخ، " ومن " مبتدأ. و " إله " خبره، وغير الله " صفة للخبر.
ووحد الضمير في " به " مع أن المرجع متعدد على معنى: فمن يأتيكم بذلك المأخوذ أو المذكور وقيل الضمير راجع إلى أحد هذه المذكورات وقيل إن الضمير بمنزلة اسم الإشارة: أي يأتيكم بذلك المذكور، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالنظر في تصريف الآيات وعدم قبولهم لها تعجيبا له من ذلك، والتصريف المجئ بها على جهات مختلفة، تارة إنذار وتارة إعذار وتارة ترغيب وتارة ترهيب، وقوله (ثم هم يصدفون) عطف على نصرف، ومعنى يصدفون: يعرضون، يقال: صدف عن الشئ: إذا أعرض عنه صدفا وصدوفا. قوله (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله) أي أخبروني عن ذلك، وقد تقدم تفسير البغتة قريبا أنها الفجأة. قال الكسائي:
بغتهم يبغهم بغتا وبغتة: إذا أتاهم فجأة: أي من دون تقديم مقدمات تدل على العذاب، والجهرة أن يأتي العذاب بعد ظهور مقدمات تدل عليه، وقيل البغتة: إتيان العذاب ليلا، والجهرة: إتيان العذاب نهارا كما في قوله تعالى - بياتا أو نهارا - (هل يهلك إلا القوم الظالمون) الاستفهام للتقرير: أي ما يهلك هلاك تعذيب وسخط إلا القوم الظالمون. وقرئ " يهلك " على البناء للفاعل. قال الزجاج: معناه هل يهلك إلا أنتم ومن أشبهكم؟ انتهى. قوله (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين) كلام مبتدأ لبيان الغرض من إرسال الرسل: أي مبشرين لمن أطاعهم