المعنى: لما تقدم ذكر عدة النساء، وجواز الرجعة فيها للأزواج، عقبه ببيان حال غير الأزواج، فقال: (ولا جناح عليكم) أي: لا حرج ولا ضيق عليكم، يا معشر الرجال. (فيما عرضتم به من خطبة النساء) المعتدات، ولم تصرحوا به، وذلك بأن تذكروا ما يدل على رغبتكم فيها. ثم اختلف في معناه فقيل: التعريض هو أن يقول الرجل للمعتدة: إني أريد النكاح، وإني أحب امرأة من صفتها كذا وكذا، فيذكر بعض الصفات التي هي عليها، عن ابن عباس. وقيل: هو أن يقول: إنك لنافعة، وإنك لموافقة لي، وإنك لمعجبة جميلة، فإن قضى الله شيئا كان، عن القاسم بن محمد، والشعبي. وقيل: هو كل ما كان من الكلام دون عقدة النكاح، عن ابن زيد.
(أو أكننتم في أنفسكم) أي: أسررتم وأضمرتم في أنفسكم من نكاحهن بعد مضي عدتهن. وقيل: هو إسرار العزم دون إظهاره. والتعريض إظهاره، عن مجاهد وابن زيد. (علم الله أنكم ستذكرونهن) برغبتكم فيهن خوفا منكم أن يسبقكم إليهن غيركم، فأباح لكم ذلك (ولكن لا تواعدوهن سرا) فيه أقوال أحدها: إن معناه لا تواعدوهن في السر، لأنها أجنبية. والمواعدة في السر تدعو إلى ما لا يحل وثانيها:
إن معناه الزنا، عن الحسن وإبراهيم وقتادة وقالوا: كان الرجل يدخل على المرأة من أجل الزنية، وهو معرض للنكاح، فنهوا عن ذلك وثالثها: إنه العهد على الامتناع من تزويج غيرك، عن ابن عباس وسعيد بن جبير.
ورابعها: هو أن يقول لها: إني ناكحك فلا تفوتيني نفسك، عن مجاهد.
وخامسها: إن السر هو الجماع، فمعناه لا تصفوا أنفسكم بكثرة الجماع، ولا تذكروه، عن جماعة. وسادسها: إنه إسرار عقدة النكاح في السر، عن عبد الرحمن بن زيد. ويجمع هذه الأقوال ما روي عن الصادق أنه قال: لا تصرحوا لهن النكاح والتزويج. قال: ومن السر أن يقول لها: موعدك بيت فلان.
(إلا أن تقولوا قولا معروفا) يعني التعريض الذي أباحه الله وإلا بمعنى لكن، لأن ما قبله هو المنهي عنه، وما بعده هو المأذون فيه، وتقديره: ولكن قولوا قولا معروفا (ولا تعزموا عقدة النكاح) أي: على عقدة النكاح، يعني لا تبتوا النكاح، ولا تعقدوا عقدة النكاح في العدة، ولم يرد به النهي عن العزم على النكاح بعد العدة، لأنه أباح ذلك بقوله: (أو أكننتم). (حتى يبلغ الكتاب أجله) معناه: حتى