لكتاب الله ونبيه ودينه كما قال تعالى: * (إذا نصحوا لله ولرسوله) * التوبة: 91.
قال ابن الأثير: وأصل النصح في اللغة: الخلوص، ومعنى نصيحة الله صحة الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاص النية في عبادته والنصيحة لكتاب الله: هو التصديق به والعمل بما فيه، ونصيحة رسوله: التصديق بنبوته ورسالته، والانقياد لما أمر به ونهى عنه، ونصيحة الأئمة: أن يطيعهم في الحق، ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا، ونصيحة العامة إرشاد الناس إلى مصالحهم.
أقول: قوله: " ولا يرى الخروج عليهم.. " وإن كان نصحا لهم، ولكنه خلاف لله ولرسوله ولكتابه كما لا يخفى.
" دهمهم " شرط لهم يعني إذا هجم عليهم العدو بظلم فعلى المسلمين أن ينصروهم من الدهمة بمعنى السواد، ودهمهم الأمر من باب تعب، وفي لغة من باب نفع فجأهم، ودهمك - كسمع ومنع - غشيك.
" وعليهم نصر النبي (صلى الله عليه وآله).. " شرط عليهم يعني إذا دعاهم النبي (صلى الله عليه وآله) واستنصر منهم يجب عليهم النصرة سواء كان من دهم أو غيره.
" لأهل باديتهم " بيان لعموم حكم المهاجرة لمن لم يهاجر فيكون قوله:
" وإنهم مهاجرون... " بيان للجملة الأولى، قال سبحانه: * (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا وإن استنصروكم فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير) * الأنفال: 72 شرطوا أن تكون باديتهم أي: الطائفة الساكنة بالبدو كحاضرتهم أي: الطائفة المهاجرة الساكنة بالحضر، والحضر خلاف البدو، والحضارة: السكون بالحضر، وجعل ذلك لهم إرفاق بهم أو لأن خزاعة كانوا عيبة نصح رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالحضر والبدو، فكأنهم عاملون في بدوهم ما يعمله الحاضر ويوضح ذلك الكتاب الآتي إن شاء الله تعالى.