112 - قال: أخرج الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه بها ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافيه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر انتهى.
أقول: نظير هذه الرواية ما سيرويه بعد ذلك عن ابن عساكر عن عائشة وعروة أن أبا بكر أسلم يوم أسلم وله أربعون ألف دينار. (وفي لفظ) أربعون ألف درهم أنفقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوجه عليه العجب في روايتهم الانفاق لرجل قد عرف مذ كان بالفقر وسوء الحال ومن اطلع على النقل والآثار وأشرف على السير والأخبار لم يخف عليه فقر أبي بكر وصعلكته وحاجته ومسكنته وضيق معيشته وضعف حيلته وأنه كان في الجاهلية معلما وفي الإسلام خياطا كما ذكره البخاري في صحيحه وكان أبوه سئ الحال يكابد فقرا مهلكا ومعيشة ضنكا لكسبه أكثر عمره من صيد القماري والدباسي لا يقدر على غيره فلما عمي وعجز ابنه عن القيام به التجأ إلى عبد الله بن جذعان أحد رؤساء مكة فنصبه ينادي على مائدته كل يوم لإحضار الأضياف وجعل له على ذلك ما يقوته من الطعام فمن أين كان لأبي بكر هذا المال، وهذه حاله وحال أبيه في الفقر والاختلال قال البكري المصري في سيره " قيل: أنه لما بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة ثلاث عشرة من عام الفيل خرج مع أبي طالب إلى الشام فأقبل سبعة من الروم يقصدون قتله صلى الله عليه وسلم فاستقبلهم بحيراء ونبههم على أنه رسول من الله تعالى " فبايعوه وأقاموا معه ورده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وفيه وهمان الأول بايعوه على أي شئ؟ الثاني أبو بكر لم يكن حاضرا ولا كان في حال من يملك ولا ملك بلالا إلا بعد ذلك بنحو ثلاثين عاما " انتهى كلامه وأيضا قد صح عندهم أنه لما نزل آية النجوى لم يعمل بها من الصحابة سوى علي عليه السلام فإذا بخل أبو بكر بدرهم أو درهمين يقدم بين يدي نجوى النبي صلى الله عليه وآله وسلم