في المؤنة وما وجدنا في شئ من الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعد تزويجه بخديجة رضي الله عنها احتاج إلى أحد من الناس فإن أهل الأثر مجمعون على أن خديجة كانت أيسر قريش وأكثرهم مالا وتجارة وأما بعد الهجرة إلى المدينة فقد علم أهل الأثر أن أبا بكر ورد المدينة وهو محتاج إلى مواساة الأنصار في المال والدار وفتح الله تعالى على رسوله عن قريب من غنائم الكفار وبلدانهم ما كان بذلك أغنى العرب، على أن أبا إسحاق من أكابر محدثي أهل السنة قد روى ما يكذب ذلك حيث روى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يركب ناقة حتى قام بثمنها من ماله فمن لم يستحل ركوب ناقة غيره من غير إعطاء ثمنها فكيف يستحل غيرها ويؤيده ما سيرويه هذا الشيخ الجامد عن البخاري " من أنه لم يأخذ الراحلة من أبي بكر إلا بالثمن " فتفطن.
113 - قال: أخرج الشيخان وأحمد والترمذي عن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له بالغار: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما انتهى.
أقول:
أولا إن وجه التهمة فيه ظاهر لأن الراوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أبو بكر فلعله أراد بوضع ذلك أن يخبر لنفسه نفعا وشرفا. وثانيا إنه لو سلم صحته فلا نفع فيه ولا شرف يختص بأبي بكر لأن كونهما اثنين الله ثالثهما ليس أعظم من كون الله رابعا لكل ثلاثة في قوله " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم " وهذا عام في حق كل مؤمن وكافر وكون المصاحبة موجبة لتشريفه معارض بما مر من قوله تعالى للكافرين " قال له صاحبه وهو يحاوره، أكفرت بالذي خلقك " وكما احتمل أن يقال إنه استصحبه في هذا السفر لأجل الشفقة احتمل أن يكون ذلك لأجل أنه خاف أن يدل الكفار عليه أو يوقفهم على أسراره لو تركه كما يقوله الشيعة وأجاب فخر الدين الرازي في تفسيره عن هذا بأن